للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِقْدَارِ الْعَمَلِ بِمَا كُلِّفُوا بِهِ، وَسُؤَالُ الْمُشْرِكِينَ سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَتَهْدِيدٍ قَالَ تَعَالَى: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ [الزخرف: ١٩] وَقَالَ تَعَالَى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ إِلَى قَوْلِهِ: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ [الْملك: ٨، ١١] .

[٤٥]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٤٥]

وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)

الْأَمْرُ بِالسُّؤَالِ هُنَا تَمْثِيلٌ لِشُهْرَةِ الْخَبَرِ وَتَحَقُّقِهِ كَمَا فِي قَول السمؤال أَوِ الْحَارِثِيِّ:

سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ وَقَوْلِ زَيْدِ الْخَيْلِ:

سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعٍ بشدّتنا وَقَوله: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ [يُونُس: ٩٤] إِذْ لَمْ يكن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَكٍّ حَتَّى يَسْأَلَ، وَإِلَّا فَإِنَّ سُؤَالَهُ الرُّسُلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ مُتَعَذِّرٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ. وَالْمَعْنَى اسْتَقْرِ شَرَائِعَ الرُّسُلِ وَكُتُبَهُمْ وَأَخْبَارَهُمْ هَلْ تَجِدُ فِيهَا عِبَادَةَ آلِهَةٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ «وَاسْتَفْتِ قَلْبَكَ»

أَيْ تَثَبَّتْ فِي مَعْرِفَةِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.

وَجُمْلَةُ أَجَعَلْنا بَدَلٌ من جملَة وَسْئَلْ، وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ إِنْكَارِيٌّ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف: ٢٢] أَيْ لَيْسَ آبَاؤُكُمْ بِأَهْدَى مِنَ الرُّسُلِ الْأَوَّلِينَ إِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ تَكْذِيبَ رَسُولِنَا لِأَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِإِفْرَادِ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ السُّؤَالُ عَنْ شُهْرَةِ الْخَبَرِ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِنَّا مَا أَمَرْنَا بِعِبَادَةِ آلِهَةٍ دُونَنَا عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِنَا. وَهَذَا رَدٌّ لِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ [الزخرف: ٢٠] .

وَ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِكَ لِتَأْكِيدِ اتِّصَالِ الظَّرْفِ بِعَامِلِهِ.