للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّا مُبْرِمُونَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الِاسْتِفْهَامُ مِنْ تَقْدِيرِ حُصُولِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ فَيُؤَوَّلُ الْكَلَامُ إِلَى مَعْنَى الشَّرْطِ، أَيْ إِنْ أَبْرَمُوا أَمْرًا مِنَ الْكَيْدِ فَإِنَّ اللَّهَ مُبْرِمٌ لَهُمْ أَمْرًا مِنْ نَقْضِ الْكَيْدِ وَإِلْحَاقِ الْأَذَى بِهِمْ، وَنَظِيرُهُ وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُهُ: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً

فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ [الطّور: ٤٢] .

وَعَنْ مُقَاتِلٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي تَدْبِيرِ قُرَيْشٍ بالمكر بالنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ النَّدْوَةِ حِينَ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُمْ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ أَبُو جَهْلٍ عَلَيْهِمْ أَنْ يَبْرُزَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ لِيَشْتَرِكُوا فِي قتل النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ بَنُو هَاشِمٍ الْمُطَالَبَةَ بِدَمِهِ، وَقَتَلَ اللَّهُ جَمِيعَهُمْ فِي بَدْرٍ.

وَالْإِبْرَامُ حَقِيقَتُهُ: الْقَتْلُ الْمُحْكَمُ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِإِحْكَامِ التَّدْبِيرِ وَالْعَزْمِ عَلَى مَا دَبَّرُوهُ.

وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ أَبْرَمُوا ومُبْرِمُونَ لِأَنَّ إِبْرَامَهُمْ وَاقِعٌ، وَأَمَّا إِبْرَامُ اللَّهِ جَزَاءً لَهُمْ فَهُوَ تَوَعُّدٌ بِأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ نَقْضَ مَا أَبْرَمُوهُ فَإِنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي زَمَنِ الْحَالِ، أَيْ نَحْنُ نُقَدِّرُ لَهُمُ الْآنَ أَمْرًا عَظِيمًا، وَذَلِكَ إِيجَادُ أَسْبَابِ وَقْعَةِ بَدْرٍ الَّتِي اسْتُؤْصِلُوا فِيهَا.

وَالْأَمْرُ: الْعَمَلُ الْعَظِيمُ الْخَطِيرُ، وَحُذِفَ مَفْعُولُ مُبْرِمُونَ لِدَلَالَةِ مَا قبله عَلَيْهِ.

[٨٠]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٨٠]

أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)

أَمْ وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُقَدَّرُ بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ: أَمْ يَحْسَبُونَ هُمَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً [الزخرف: ٧٩] .

وَحَرْفُ بَلى جَوَابٌ لِلنَّفْيِ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّا لَا نَسْمَعُ، أَيْ بَلَى نَحْنُ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ.