للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْنَى: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فِي حَالِ خَوْضِهِمْ فِي الْأَحَادِيثِ وَلَعِبِهِمْ فِي مَوَاقِعِ الْجد حِين يهزأوون بِالْإِسْلَامِ. واللعب: المزح والهزل.

وَجُزِمَ فِعْلُ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا بِلَامِ الْأَمْرِ مَحْذُوفَةً وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ جَزْمًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ فَالْأَمْرُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهْدِيدِ مِنْ قَبِيلِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ

[فصلت: ٤٠] .

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُلاقُوا بِضَمِّ الْيَاءِ وَبِأَلِفٍ بَعْدَ اللَّامِ، وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ مَجَازٌ فِي أَنَّهُ لِقَاءٌ مُحَقَّقٌ. وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُلْقُوا بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ مضارع الْمُجَرّد.

[٨٤]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٨٤]

وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤)

وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ [الزخرف: ٨١] وَالْجُمْلَتَانِ اللَّتَانِ بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضَانِ، قُصِدَ مِنَ الْعَطْفِ إِفَادَةُ نَفْيِ الشَّرِيكِ فِي الْإِلَهِيَّةِ مُطْلَقًا بَعْدَ نَفْيِ الشَّرِيكِ فِيهَا بِالْبُنُوَّةِ، وَقُصِدَ بِذِكْرِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْإِحَاطَةُ بِعَوَالِمِ التَّدْبِيرِ وَالْخَلْقِ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ أَصْنَامُهُمُ الْمَنْصُوبَةُ، وَجَعَلُوا لَهُ شُرَكَاءَ فِي السَّمَاءِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِذْ جَعَلُوهُمْ بَنَاتٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَكَانَ قَوْلُهُ: فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ إِبْطَالًا لِلْفَرِيقَيْنِ مِمَّا زُعِمَتْ إِلَهِيَّتُهُمْ. وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهَا الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ عَلَى أَنه وصف للرحمان مِنْ قَوْلِهِ: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ [الزخرف: ٨١] ، فَعَدَلَ عَنْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ بِإِيرَادِ الْجُمْلَةِ مَعْطُوفَةً لِتَكُونَ مُسْتَقِلَّةً غَيْرَ صِفَةٍ، وَبِإِيرَادِ مُبْتَدَأٍ فِيهَا لِإِفَادَةِ قَصْرِ صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي السَّمَاءِ وَفِي الْأَرْضِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ، لِأَنَّ إِيرَادَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ مَعْرِفَةً وَالْمُسْنَدِ مَعْرِفَةً طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ الْقَصْرِ. فَالْمَعْنَى وَهُوَ لَا غَيْرُهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ، وَصِلَةُ الَّذِي جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ حُذِفَ صَدْرُهَا، وَصَدْرُهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى مُعَادِ ضَمِيرِ وَهُوَ وَحَذْفُ صَدْرِ الصِّلَةِ اسْتِعْمَالٌ حَسَنٌ إِذَا طَالَتِ الصِّلَةُ كَمَا هُنَا. وَالتَّقْدِيرُ: الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ.