للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ مُصْطَلَحَاتِ مُتَكَلَّفَةٍ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهَ سُكُونًا فَقَالَ: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الرّوم: ٢١] .

وَالْحُورُ: جَمْعُ الْحَوْرَاءِ، وَهِيَ الْبَيْضَاءُ، أَيْ بِنِسَاءٍ بَضِيضَاتِ الْجِلْدِ.

وَالْعَيْنُ: جَمْعُ الْعَيْنَاءِ، وَهِيَ وَاسِعَةُ الْعَيْنِ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ. وَشَمِلَ الْحُورُ الْعِينِ النِّسَاءَ الّلاء كنّ أَزوَاجهنَّ فِي الدُّنْيَا، وَنِسَاءً يَخْلُقُهُنَّ اللَّهُ لِأَجْلِ الْجَنَّةِ قَالَ تَعَالَى:

إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً [الْوَاقِعَة: ٣٥] وَقَالَ تَعَالَى: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ [يس: ٥٦] .

وَمَعْنَى يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ أَيْ هُمْ يَأْمُرُونَ بِأَنْ تَحَضُرَ لَهُمُ الْفَاكِهَةُ، أَيْ فَيُجَابُونَ.

وَالدُّعَاءُ نَوْعٌ مِنَ الْأَمْرِ أَيْ يَأْذَنُونَ بِكُلِّ فَاكِهَةٍ، أَيْ بِإِحْضَارِ كُلِّ فَاكِهَةٍ. وكل هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْكَثْرَةِ الشَّدِيدَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْإِحَاطَةِ، أَيْ بِكُلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الْفَاكِهَةِ.

وَالْفَاكِهَةُ: مَا يُتَفَكَّهُ بِهِ، أَيْ يُتَلَذَّذُ بِطَعْمِهِ مِنَ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا.

وَجُمْلَةُ يَدْعُونَ حَالٌ من الْمُتَّقِينَ [الدُّخان: ٥١] ، وآمِنِينَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَدْعُونَ. وَالْمُرَادُ هُنَا أَمْنٌ خَاصٌّ غَيْرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: فِي مَقامٍ أَمِينٍ [الدُّخان: ٥١] وَهُوَ الْأَمْنُ مِنَ الْغَوَائِلِ وَالْآلَامِ مِنْ تِلْكَ الْفَوَاكِهِ عَلَى خِلَافِ حَالِ الْإِكْثَارِ مِنَ الطَّعَامِ فِي الدُّنْيَا كَقَوْلِهِ فِي خَمْرِ الْجَنَّةِ لَا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ [الصافات: ٤٧] ، أَوْ آمَنِينَ مِنْ نَفَادِ ذَلِكَ وَانْقِطَاعِهِ.

وَجُمْلَةُ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى حَالٌ أُخْرَى. وَهَذِهِ بِشَارَةٌ بِخُلُودِ النِّعْمَةِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ مَا كَانَ فِي الْحَيَاةِ مِنَ النَّعِيمِ لِأَصْحَابِ النَّعِيمِ كَمَا كَانَ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ لَا يَمُوتُونَ نِذَارَةً بِدَوَامِ الْعَذَابِ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى مِنْ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ لِزِيَادَةِ تَحْقِيقِ انْتِفَاءِ ذَوْقِ الْمَوْت عَن أجل الْجَنَّةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا يَذُوقُونَ الْمَوْتَ أَلْبَتَّةَ وَقَرِينَةُ ذَلِكَ وَصْفُهَا بِ الْأُولى. وَالْمُرَادُ بِ الْأُولى السَّالِفَةُ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى [الدُّخان: ٣٥] .