للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٤٦- سُورَةُ الْأَحْقَافِ

سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ «سُورَةَ الْأَحْقَافِ» فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ وَكُتُبِ السُّنَّةِ، وَوَرَدَتْ تَسْمِيَتُهَا بِهَذَا الِاسْمِ فِي كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ سُورَةً مِنْ آل حم وَهِيَ الْأَحْقَافُ» ،

وَكَانَتِ السُّورَةُ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً سُمِّيَتْ ثَلَاثِينَ. وَكَذَلِكَ وَرَدَتْ تَسْمِيَتُهَا فِي كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ «قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ سُورَةَ الْأَحْقَافِ» الْحَدِيثَ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسَمَّى ثَلَاثِينَ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا فَلَا يُعَدُّ مِنْ أَسْمَائِهَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي «الْإِتْقَانِ» فِي عِدَادِ السُّورِ ذَاتِ أَكْثَرَ مِنِ اسْمٍ.

وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا «الْأَحْقَافَ» وُرُودُ لِفْظِ (الْأَحْقَافِ) فِيهَا وَلَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ. وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: بِاتِّفَاقِ جَمِيعِهِمْ، وَفِي إِطْلَاقِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَبَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ نَسَبُوا اسْتِثْنَاءَ آيَاتٍ مِنْهَا إِلَى بَعْضِ الْقَائِلِينَ، فَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ اسْتِثْنَاءَ آيَتَيْنِ هُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ إِلَى الظَّالِمِينَ [الْأَحْقَاف: ١٠] فَإِنَّهَا أَشَارَتْ إِلَى إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَهُوَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَقَوْلُهُ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الْأَحْقَاف: ٣٥] . وَفِي «الْإِتْقَانِ» ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِاسْتِثْنَاءِ آيَاتٍ ثَلَاث مِنْهَا الثنتان اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَطِيَّةَ وَالثَّالِثَةُ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِلَى قَوْله:

خاسِرِينَ [الْأَحْقَاف: ١٥- ١٨] . وَسَيَأْتِي مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ مُضِيِّ عَامَيْنِ