للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَمِيمَ الَّذِي يُقَطِّعُ أَمْعَاءَهُمْ بِفَوْرِ سَقْيِهِ. وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَرِّجْ هُنَا عَلَى طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ الَّذِي ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ [الْوَاقِعَة: ٥٢- ٥٤] وَقَوْلِهِ: أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ [الصافات: ٦٢] إِلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ [الصافات: ٦٦- ٦٧] .

وَضَمِيرُ سُقُوا رَاجع إِلَى كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى (مَنْ) وَهُوَ الْفَرِيقُ مِنَ الْكَافِرِينَ بَعْدَ أَنْ أُعِيدَ عَلَيْهِ ضَمِيرُ الْمُفْرَدِ فِي قَوْلِهِ: هُوَ خالِدٌ.

وَالْأَمْعَاءُ: جَمْعُ مَعًى مَقْصُورًا وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ مَا يَنْتَقِلُ الطَّعَامُ إِلَيْهِ بَعْدَ نُزُولِهِ مِنَ الْمعدة. وَيُسمى عفج بِوَزْنِ كَتِفٍ.

[١٦]

[سُورَة مُحَمَّد (٤٧) : آيَة ١٦]

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦)

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قالَ آنِفاً.

ضَمِيرُ وَمِنْهُمْ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا [مُحَمَّد: ١٢] الَّذِينَ جَرَى ذِكْرُهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ، أَيْ وَمِنَ الْكَافِرِينَ قَوْمٌ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، وَأَرَادَ بِمَنْ يَسْتَمِعُ مَعَهُمُ الْمُنَافِقِينَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قالَ وَقَوْلِهِ: خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْمُسْتَمِعِينَ مِثْلَ مَا فِي قَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ [يُونُس: ٤٢] وَقَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً [الْأَنْعَام: ٢٥] لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْأُسْلُوبَيْنِ، وَهَذَا صِنْفٌ آخَرُ مِنَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ وَتَظَاهَرُوا بِالْإِيمَانِ، وَقَدْ كَانَ الْمُنَافِقُونَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَقْصُودِينَ مَنْ لَفْظِ الْكُفَّارِ. وَهَذِهِ السُّورَةُ نَازِلَةٌ بِقُرْبِ عَهْدٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَلِذَلِكَ ذُكِرَ فِيهَا الْفَرِيقَانِ مِنَ الْكُفَّارِ.

وَمَعْنَى يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ: يَحْضُرُونَ مَجْلِسَكَ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَكَ وَمَا تَقْرَأُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ. وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ يَتَظَاهَرُ بِالْإِسْلَامِ فَلَا يُعْرِضُونَ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ إِعْرَاضَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ. رُوِيَ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ