للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»

وَقَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: «أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» .

وَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُتَابِعُ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ «أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلنَّاسِ خَاصَّةً وَلَا إِشْكَالَ فِي عَطْفِ وَرَسُولِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ قَدِ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَنَذِيراً وَتَكُونُ جُمْلَةُ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ إِلَخْ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً، وَيَكُونُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِتُؤْمِنُوا لَامَ الْأَمْرِ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافًا لِلْأَمْرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ [٧] .

وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِيَاءِ الْغَيْبَةِ فِيهَا، وَالضَّمَائِرُ عَائِدَةٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ السِّيَاقِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَالتَّبْشِيرَ وَالنِّذَارَةَ مُتَعَيِّنَةٌ لِلتَّعَلُّقِ بِمُقَدَّرٍ، أَيْ شَاهِدًا عَلَى النَّاسِ وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لَهُمْ لِيُؤْمِنُوا بِاللَّهِ إِلَخْ.

وَالتَّعْزِيزُ: النَّصْرُ وَالتَّأْيِيدُ، وَتَعْزِيزُهُمُ اللَّهَ كَقَوْلِهِ: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ [مُحَمَّد: ٧] .

وَالتَّوْقِيرُ: التَّعْظِيمُ. وَالتَّسْبِيحُ: الْكَلَامُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ النَّقَائِصِ.

وَضَمَائِرُ الْغَيْبَةِ الْمَنْصُوبَةُ الثَّلَاثَةُ عَائِدَةٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ لِأَنَّ إِفْرَادَ الضَّمَائِرِ مَعَ كَوْنِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا اسْمَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا. وَالْقَرِينَةُ عَلَى تَعْيِينِ الْمُرَادِ ذِكْرُ وَتُسَبِّحُوهُ

، وَلِأَنَّ عَطْفَ وَرَسُولِهِ عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ اعْتِدَادٌ بِأَنَّ الْإِيمَان بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ فَالْمَقْصُودُ هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ. وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ: إِنَّ ضَمِيرَ تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ عَائِدٌ إِلَى رَسُولِهِ.

وَالْبُكْرَةُ: أَوَّلُ النَّهَارِ. وَالْأَصِيلُ: آخِرُهُ، وَهُمَا كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِيعَابِ الْأَوْقَاتِ بِالتَّسْبِيحِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، كَمَا يُقَالُ: شَرْقًا وَغَرْبًا لِاسْتِيعَابِ الْجِهَاتِ. وَقِيلَ التَّسْبِيحُ هُنَا: كِنَايَةٌ عَنِ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالْقَوْلُ فِي بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ هُوَ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً [الْأَحْزَاب: ٤٥، ٤٦] ،