للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَرَّةٍ، وَبَيَّنَّا أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إِفْسَاحُ الْمَجَالِ لِلْمُقَرَّرِ إِنْ كَانَ يَرُومُ إِنْكَارَ مَا قُرِّرَ عَلَيْهِ، ثِقَةً مِنَ الْمُقَرِّرِ- بِكَسْرِ الرَّاءِ- بِأَنَّ الْمُقَرَّرَ- بِالْفَتْحِ- لَا يُقْدِمُ عَلَى الْجُحُودِ بِمَا قُرِّرَ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ [الْأَعْرَاف: ١٤٨] ، وَقَوْلِهِ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ كِلَاهُمَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [١٧٢] .

وَهَذَا الْوَجْهُ أَشَدُّ فِي النَّعْيِ عَلَيْهِمْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ دَلَالَةَ الْمَخْلُوقَاتِ الْمَذْكُورَةَ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ يَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ النَّظَرِ بِالْعَيْنِ.

وفَوْقَهُمْ حَالٌ مِنَ السَّمَاءِ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَالِ تَنْدِيدٌ عَلَيْهِمْ لِإِهْمَالِهِمُ التَّأَمُّلَ مَعَ الْمُكْنَةِ

مِنْهُ إِذِ السَّمَاءُ قَرِيبَةٌ فَوْقَهُمْ لَا يُكَلِّفُهُمُ النَّظَرُ فِيهَا إِلَّا رفع رؤوسهم.

وكَيْفَ اسْمُ جَامِدٌ مَبْنِيٌّ مَعْنَاهُ: حَالَةٌ، وَأَكْثَرُ مَا يَرِدُ فِي الْكَلَامِ لِلسُّؤَالِ عَنِ الْحَالَةِ فَيَكُونُ خَبَرًا قَبْلَ مَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ مِثْلَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ وَحَالًا قَبْلَ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ نَحْوَ: كَيْفَ جَاءَ؟ وَمَفْعُولًا مُطْلَقًا نَحْوَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ [الْفجْر: ٦] ، وَمَفْعُولًا بِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [الْإِسْرَاء: ٢١] . وَهِيَ هُنَا بَدَلٌ مِنْ فَوْقَهُمْ فَتَكُونُ حَالًا فِي الْمَعْنَى. وَالتَّقْدِيرُ: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ هَيْئَةَ بَنْيِنَا إِيَّاهَا، وَتَكُونُ جُمْلَةُ بَنَيْناها مُبَيِّنَةً لِ كَيْفَ.

وَأُطْلِقَ الْبِنَاءُ عَلَى خَلْقِ الْعَلَوِيَّاتِ بِجَامِعِ الِارْتِفَاعِ. وَالْمُرَادُ بِ السَّماءِ هُنَا مَا تَرَاهُ الْعَيْنُ مِنْ كُرَةِ الْهَوَاءِ الَّتِي تَبْدُو كَالْقُبَّةِ وَتُسَمَّى الْجَوَّ.

وَالتَّزْيِينُ جَعْلُ الشَّيْءِ زَيْنَا، أَيْ حَسَنًا أَيْ تَحْسِينُ مَنْظَرِهَا لِلرَّائِي بِمَا يَبْدُو فِيهَا مِنَ الشَّمْسِ نَهَارًا وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ لَيْلًا. وَاقْتَصَرَ عَلَى آيَةِ تَزْيِينِ السَّمَاءِ دُونَ تَفْصِيلِ مَا فِي الْكَوَاكِبِ الْمُزَيَّنَةِ بِهَا مِنَ الْآيَاتِ لِأَنَّ التَّزْيِينَ يَشْتَرِكُ فِي إِدْرَاكِهِ جَمِيعُ الَّذِينَ يُشَاهِدُونَهُ وَلِلْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْتِدْلَالِ وَالِامْتِنَانِ بِنِعْمَةِ التَّمْكِينِ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْمَرَائِي الْحَسَنَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى