للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى تَتْمِيمٌ، وَفِيهِ وَعْدٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَبِشَارَةٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْبَاءُ فِي بِمَنْ ضَلَّ وَفِي بِمَنِ اهْتَدى لِتَعْدِيَةِ صِفَتَيْ أَعْلَمُ وَهِيَ لِلْمُلَابَسَةِ، أَيْ هُوَ أَشَدُّ عِلْمًا مُلَابِسًا لِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، أَيْ ملابسا لحَال ضلاله، وَتَقْدِيم ذكر بِمَنْ ضَلَّ على ذكر بِمَنِ اهْتَدى لِأَن الضالّين أهمّ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَأَمَّا ذِكْرُ الْمُهْتَدِينَ فَتَتْمِيمٌ.

[٣١، ٣٢]

[سُورَة النَّجْم (٥٣) : الْآيَات ٣١ الى ٣٢]

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ.

عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ إِلَخْ فَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ لِلَّهِ أُمُورَ الدَّارَيْنِ بِقَوْلِهِ: فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى [النَّجْم: ٢٥] انْتَقَلَ إِلَى أَهَمِّ مَا يَجْرِي فِي

الدَّارَيْنِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ أَشْرَفُ مَا عَلَى الْأَرْضِ بِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ [النَّجْم: ٣٠] الْمُرَادُ بِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْجَزَاءِ وَهُوَ إِثْبَاتٌ لِوُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ.

فَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ هُوَ قَوْلُهُ: وَما فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمُهِمَّ مَا فِي الْأَرْضِ إِذْ هُمْ مُتَعَلِّقُ الْجَزَاءِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ عَلَى وَجْهِ التَّتْمِيمِ لِلْإِعْلَامِ بِإِحَاطَةِ مُلْكِ اللَّهِ لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ الْعَوَالِمُ كُلُّهَا وَنُكْتَةُ الِابْتِدَاءِ بِالتَّتْمِيمِ دُونَ تَأْخِيرِهِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضًى ظَاهِرٌ فِي التَّتْمِيمَاتِ هِيَ الِاهْتِمَامُ بِالْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ لِأَنَّهُ أَوْسَعُ وَأَشْرَفُ وَلِيَكُونَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا الْآيَةَ مُقْتَرِنًا بِمَا يُنَاسِبُهُ مِنْ ذِكْرِ مَا فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمَجْزِيِّينَ هُمْ أَهْلُ الْأَرْضِ، فَهَذِهِ نُكْتَةُ مُخَالَفَةُ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.

فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ: لِيَجْزِيَ بِمَا فِي الْخَبَرِ مِنْ مَعْنَى الْكَوْنِ الْمُقَدَّرِ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ الْمُخْبَرِ بِهِ عَنْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَيْ كَائِنٌ مِلْكًا لِلَّهِ كَوْنًا عِلَّتُهُ أَنْ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا وَالَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَهُمُ الَّذِينَ