للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ كَمَوْقِعِ الْجُمَلِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي احْتِمَالِ كَوْنِهَا زَائِدَةً عَلَى مَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهَا مِمَّا شَمِلَتْهُ الصُّحُفُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ بَعْدَ عَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ نُوحٍ، وَكَانَ مُعَاصِرًا لِلْمُؤْتَفِكَةِ عَالِمًا بِهَلَاكِهَا.

وَلِكَوْنِ هَلَاكِ هَؤُلَاءِ مَعْلُومًا لَمْ تُقْرَنِ الْجُمْلَةُ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ.

وَوَصْفُ عَادٍ بِ الْأُولى عَلَى اعْتِبَارِ عَادٍ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَمَعْنَى كَوْنِهَا أُولَى لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْعَرَبِ ذِكْرًا وَهُمْ أَوَّلُ الْعَرَبِ الْبَائِدَةِ وَهُمْ أَوَّلُ أُمَّةٍ أُهْلِكَتْ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ.

وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ عَادًا هَذِهِ لَمَّا هَلَكَتْ خَلَفَتْهَا أُمَّةٌ أُخْرَى تُعْرَفُ بِعَادِ إِرَمَ أَوْ عَادٍ الثَّانِيَةِ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْعَمَالِيقِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأُولى وَصْفًا كَاشِفًا، أَيْ عَادًا السَّابِقَةَ. وَقِيلَ الْأُولى صِفَةُ عَظَمَةٍ، أَيِ الْأُولَى فِي مَرَاتِبِ الْأُمَمِ قُوَّةً وَسِعَةً، وَتَقَدَّمَ التَّعْرِيفُ بِعَادٍ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.

وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ثَمُودَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ أَيْضًا.

وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ نُوحٍ وَقَوْمِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَفِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.

وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِي الْآيَةِ ذِكْرَ عَادٍ وَثَمُودَ عَلَى ذِكْرِ قَوْمِ نُوحٍ مَعَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَسْبَقُ لِأَن عادا

وثمودا أَشْهَرُ فِي الْعَرَبِ وَأَكْثَرُ ذِكْرًا بَيْنَهُمْ وَدِيَارَهُمْ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ عَادًا الْأُولى بِإِظْهَارِ تَنْوِينِ عَادًا وَتَحْقِيقِ هَمْزَةِ الْأُولى. وَقَرَأَ وَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ وَأَبُو عَمْرو عَاد لُّولَى بِحَذْفِ هَمْزَةِ (الْأُولَى) بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِهَا إِلَى اللَّامِ الْمُعَرِّفَةِ وَإِدْغَامِ نُونِ التَّنْوِينِ مِنْ عَادًا فِي لَامِ لُّولَى. وَقَرَأَهُ قَالُونُ عَنْ نَافِعٍ بِإِسْكَانِ هَمْزَةِ الْأُولى بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِهَا إِلَى اللَّام الْمعرفَة (عَاد لُّؤْلَى) عَلَى لُغَةِ مَنْ يُبْدِلُ الْوَاوَ النَّاشِئَةَ عَنْ إِشْبَاعِ الضَّمَّةِ هَمْزًا، كَمَا قُرِئَ فَاسْتَوى عَلى سُؤْقِهِ [الْفَتْح: ٢٩] .