للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ رَحْمَةً بِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ الْآيَةَ. وَقَدْ عُلِمَ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ التَّوْبِيخِيِّ أَيْ بَعْضًا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ.

وَ (إِذْ) ظَرْفِيَّةٌ مُفِيدَةٌ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ فَحِينَ لَمْ تَفْعَلُوا فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ.

وَفَاءُ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا لِتَفْرِيعِ مَا بَعْدَهَا عَلَى الِاسْتِفْهَامِ التَّوْبِيخِيِّ.

وَجُمْلَةُ وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مُعْتَرِضَةٌ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ. وَمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ (إِذْ) مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ تَقْدِيرُهُ: خَفَّفْنَا عَنْكُمْ وَأَعْفَيْنَاكُمْ مِنْ أَنْ تُقَدِّمُوا صَدَقَةً قَبْلَ مُنَاجَاة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفَاءُ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ عَاطِفَةٌ عَلَى الْكَلَامِ الْمُقَدَّرِ وَحَافِظُوا عَلَى التَّكَالِيفِ الْأُخْرَى وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. أَيْ فَذَلِكَ لَا تَسَامُحَ فِيهِ، قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَحْسَبُوا أَنَّهُمْ كُلَّمَا ثَقُلَ عَلَيْهِم فعل مِمَّا كُلِّفُوا بِهِ يُعْفَوْنَ مِنْهُ.

وَإِذْ قَدْ كَانَتِ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ سَابِقَةً عَلَى الْأَمْرِ بِصَدَقَةِ النَّجْوَى عَلَى الْأَصَحِّ كَانَ فِعْلُ آتُوا مُسْتَعْمَلًا فِي طَلَبِ الدَّوَامِ مِثْلُ فِعْلِ فَأَقِيمُوا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَكْثُرُ وُقُوعُ الْفَاءِ بَعْدَ (إِذْ) وَمُتَعَلِّقِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ

فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ [١١] . وإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ [١٦] .

وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّحْذِيرِ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي طَاعَةِ الله وَرَسُوله.

[١٤، ١٥]

[سُورَة المجادلة (٥٨) : الْآيَات ١٤ إِلَى ١٥]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥)

هَذِهِ حَالَةٌ أُخْرَى مِنْ أَحْوَالِ أَهْلِ النِّفَاقِ هِيَ تُوَلِّيهِمُ الْيَهُودَ مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهَلِ مِلَّتِهِمْ لِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ مِنْ أَهَلِ الشِّرْكِ.