للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ تَدُلَّ عَلَى التَّكَلُّفِ لَكِنَّهَا اسْتُعْمِلَتْ هُنَا فِي لَازِمِ التَّكَلُّفِ وَهُوَ الْقُوَّةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ الصَّادِرَ عَنْ تَأَنُّقٍ وَتَكَلُّفٍ يَكُونُ أَتْقَنَ.

وَيُقَالُ: فُلَانُ يَتَظَلَّمُ عَلَى النَّاسِ، أَيْ يُكْثِرُ ظُلْمَهُمْ.

وَوَجْهُ ذِكْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ عَقِبَ صِفَةِ الْمُهَيْمِنُ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ آنِفًا مِنَ الصِّفَاتِ لَا يُؤْذِنُ إِلَّا بِاطْمِئْنَانِ الْعِبَادِ لِعِنَايَةِ رَبِّهِمْ بِهِمْ وَإِصْلَاحِ أُمُورِهِمْ وَأَنَّ صِفَةَ الْمُهَيْمِنُ تُؤْذِنُ بِأَمْرٍ مُشْتَرَكٍ فَعُقِّبَتْ بِصِفَةِ الْعَزِيزُ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ غَالِبٌ لَا يُعْجِزْهُ

شَيْءٌ. وَاتُّبِعَتْ بِصِفَةِ الْجَبَّارُ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ مُسَخِّرُ الْمَخْلُوقَاتِ لِإِرَادَتِهِ ثُمَّ صِفَةِ الْمُتَكَبِّرُ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ ذُو الْكِبْرِيَاءِ يَصْغُرُ كُلُّ شَيْءٍ دُونَ كِبْرِيَائِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي جَانِبِ التَّخْوِيفِ كَمَا كَانَت الصِّفَات قَبْلَهَا فِي جَانِبِ الْإِطْمَاعِ.

سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

ذُيِّلَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ بِتَنْزِيِهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شُرَكَاءُ بِأَنْ أَشْرَكَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ.

فَضَمِيرُ يُشْرِكُونَ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ الْمَقَامِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ لَمْ يَزَلِ الْقُرْآنُ يُقَرِّعُهُمْ بِالْمَوَاعِظِ.

[٢٤]

[سُورَة الْحَشْر (٥٩) : آيَة ٢٤]

هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)

هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ.

الْقَوْلُ فِي ضَمِيرِ هُوَ الْمُفْتَتَحِ بِهِ وَفِي تَكْرِيرِ الْجُمْلَةِ كَالْقَوْلِ فِي الَّتِي سَبَقَتْهَا. فَإِنْ كَانَ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ ضَمِيرَ شَأْنٍ فَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ عَنْهُ.

وَجُمْلَةُ اللَّهُ الْخالِقُ تُفِيدُ قَصْرًا بِطَرِيقِ تَعْرِيفِ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ هُوَ الْخَالِقُ لَا شُرَكَاؤُهُمْ. وَهَذَا إِبْطَالٌ لِإِلَهِيَّةِ مَا لَا يَخْلُقُ. قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النَّحْل: ٢٠] ، وَقَالَ: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ [النَّحْل: ١٧] ، وَإِنْ كَانَ عَائِدًا عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ فَاسْمُ الْجَلَالَةِ بَعْدَهُ خَبَرٌ عَنْهُ والْخالِقُ صِفَةٌ.