للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ شَرْطٌ، وَجِيءَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِتَمْيِيزِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ زِيَادَةً فِي إِيضَاحِ الْحُكْمِ.

وَالْمُظَاهَرَةُ: المعاونة. وَذَلِكَ أَن أَهْلَ مَكَّةَ فَرِيقَانِ، مِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي بِالْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يَحْتَمِلُ الْمُسْلِمُونَ مَعَهَا الْبَقَاءَ بِمَكَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ وَيُغْرِي عَلَيْهِ.

وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ، أَيْ أَنَّ ظُلْمَهُمْ لِشِدَّتِهِ وَوُقُوعِهُ بَعْدَ النَّهْيِ الشَّدِيدِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى الْأَخْطَاءِ وَالْعِصْيَانِ ظُلْمٌ لَا يُغْفَرُ لِأَنَّهُ اعْتِدَاءٌ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى حَقِّ الظَّالِمِ نَفْسِهِ.

[١٠]

[سُورَة الممتحنة (٦٠) : آيَة ١٠]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ.

لَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذِه الْآيَات إِلَى آخِرَ السُّورَةِ نَزَلَتْ عَقِبَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا رَجَّحْنَا أَنَّ أَوَّلَ السُّورَةِ نَزَلَتْ قَبْلَ هَذِهِ وَأَنَّ كِتَابَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ كَانَ عِنْدَ تَجَهُّزِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحُدَيْبِيَةِ.

وَمُنَاسِبَةُ وُرُودِ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ مَا قَبْلَهَا، أَيِ النَّهْيُ عَنْ مُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ يَتَطَرَّقُ إِلَى مَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ مِنْ عُقُودِ النِّكَاحِ وَالْمُصَاهَرَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمُسْلِمُ زَوْجًا لِمُشْرِكَةٍ

وَتَكُونُ الْمُسْلِمَةُ زَوْجًا لِمُشْرِكٍ فَتَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَوَادِثُ لَا يَسْتَغْنِي الْمُسْلِمُونَ عَنْ مَعْرِفَةِ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ فِي مِثْلِهَا.

وَقَدْ حَدَثَ عَقِبَ الصُّلْحِ الَّذِي انْعَقَدَ بَين النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين الْمُشْرِكِينَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ مَجِيءُ أَبِي جندل بن سُهَيْل بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ وَكَانَ مُسلما وَكَانَ مُوَثَّقًا فِي الْقُيُودِ عِنْدَ أَبِيهِ بِمَكَةَ فَانْفَلَتَ وَجَاءَ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ مِنْ شُرُوطِ الصُّلْحِ «أَنَّ مَنْ أَتَى مُحَمَّدًا مِنْ قُرَيْشٍ بِغَيْرِ إِذَنِ وَلِيِّهِ رَدُّهُ عَلَيْهِمْ وَمَنْ جَاءَ قُرَيْشًا مِمَّنْ مَعَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهُ عَلَيْهِ» فَرده النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، وَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ هَارِبَةً مِنْ زَوْجِهَا عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَجَاءَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ مُهَاجِرَةً هَارِبَةً مِنْ