للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انه لما احتضر أبو طالب جاءه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وعنده ابو جهل وعبد الله ابن أبى أمية فقال له أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله فقالا له يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به هو على ملة عبد المطلب فقال النبى لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فنزلت ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى الآية ونزلت انك لا تهدي من أحببت وفي رواية لمسلم قال لولا أن تعيرنى قريش يقولون انما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك وان العباس ابن عبد المطلب قال للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ما أغنيت عن عمك فانه كان يحوطك ويغضب لك قال هو في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه تغلي منه أم دماغه* وهذا مطابق لقوله خلق (فائدة) اختلف في الافضل من التابعين هل هو سعيد أم أويس القرني وجمع النووي وغيره بين القولين بان كلا منهما أفضل من الآخر من حيثية فالاول من حيثية العلم والثاني من حيثية الزهد في الدنيا (قلت) وهذا الجمع محتاج الى أن يقال بافضلية أحدهما أو الى استوائهما ويظهران سعيدا أفضل من أويس على الاطلاق لان فضيلة العلم لا توازيها فضيلة الزهد على انا نقول بغلية الظن ان سعيدا شارك أويسا في تلك الفضيلة ولا عكس (احتضر) بالبناء للمفعول أي حضرته الوفاة (كلمة) بالنصب على انه بدل وبالرفع خبر مبتدإ محذوف (أحاج لك) أي أقيم لك بها الحجة عند الله عز وجل بالشهادة لك على انك قلتها ومنه يؤخذ صحة اسلام الكافر قبيل موته اذا كان قبل الغرغرة وهو كذلك (ما كان) أي ما ينبغى (ولو كانوا) الواو هنا حالية (انك لا تهدى) أي لا توفق وترشد فلا تنافيه الآية الاخرى وانك لتهدي الى صراط مستقيم اذ المراد هنا بالهداية الدلالة (من أحببت) قال النووي يحتمل من أحببته ومن أحببت هدايته (وهو أعلم بالمهتدين) أي بمن قدر له الهدى (الجزع) بفتح الجيم والزاي في جميع الاصول والروايات وذهب جماعة من أهل اللغة الى أنه بفتح المعجمة والراء وهو الضعف والخور وقيل الجزع الدهش واختار ذلك أبو القاسم الزمخشري. قال عياض ونبهنا غير واحد من شيوخنا على انه الصواب (لاقررت بها عينك) قال ثعلب أقر الله عينه معناه بلغه أمنيته حتى ترضى نفسه وتقر عينه أي تسكن فلا تشترف لشئ. وقال عبد الملك بن قريب بالقاف والراء مصغر ابن أصمع الاصمعي معناه أبرد الله دمعه لان دمعة الفرح باردة (يحوطك) أي يصونك ويمنعك من كل من أرادك بسوء (ضحضاح) بفتح المعجمتين بينهما مهملة وهو مارق من الماء على وجه الارض واستعير في النار (تغلى منه أم دغلمه) زاد مسلم وغيره ولولاي لكان في الدرك الاسفل من النار (تنبيه) لا خلاف بين العلماء في ان أبا طالب مات على الكفر ولم يأت في رواية يعتمد عليها فيه ما أتي في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى أحياهما له فآمنا به نعم ذكره القرطبي في التذكرة بلفظ وقد سمعت ان الله تعالى أحياله أبا طالب وآمن به والله أعلم (وهذا مطابق) أي موافق (الذنوب ثلاثة الى آخره) أخرجه الطبراني في الكبير من حديث سلمان بلفظ ذنب لا يغفر وذنب لا يترك وذنب يغفر فاما الذي لا يغفر

<<  <  ج: ص:  >  >>