للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبريل وانقطعت عنه الاصوات وسمع صريف الاقلام في اللوح المحفوظ ثم سمع كلام المولى فأوحى اليه ما أوحى واتحفه بأنواع التحف والزلفي ورأى من آيات ربه الكبرى على ما نطق به الكتاب العزيز في قوله تعالى «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى» وأثبت رؤيته لربه ليلتئذ جماهير الصحابة والعلماء من غير إدراك ولا إحاطة ولا تكييف بحد ولا انتهاء صلى الله عليه وآله وسلم أفضل ما صلى على احد من عباده الذين اصطفي وقيل كان الاسراء سنة ست أو خمس من المبعث وقيل لسنة وثلاثة أشهر منه والصواب ما قدمناه أولا وجزم النووي في شرح صحيح مسلم انه كان ليلة الاثنين ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الاول وكذلك في فتاويه وفي سيرة الروضة له انه كان في رجب وقال غيره في رمضان واختلف هل كان بروحه وجسده يقظة أو بروحه فقط مناما مع اتفاقهم ان رؤيا الانبياء وحي واختلافهم بحسب اختلاف الروايات في ذلك والصحيح الاول انه بالروح والجسد وطريقة الجمع بينهما أن يقال كان ذلك مرتين أولاهما مناما قبل الوحي كما في حديث شريك ثم اسرى به يقظة بعد الوحي تحقيقا لرؤياه والاشهر الاول (صريف الاقلام) بمهملة مفتوحة فراء مكسورة فتحتية صوت جريانها على اللوح (فأوحي اليه ما أوحي) أوحي جبريل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوحي اليه ربه هذا معنى ما روى عن ابن عباس قيل أوحي اليه ألم يجدك يتيما فآوى الى قوله وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ وقيل أوحي اليه ان الجنة محرمة على الانبياء حتى تدخلها انت وعلى الامم حتى تدخلها أمتك (وأتحفه) التحفة ما يهيأ للمسافر عند قدومه (والزلفى) هي القربة (والنجم) أي الثريا (اذا هوى) أي سقطت وغابت هذا ما في رواية عن ابن عباس وروى عكرمة عنه انها الرجوم من النجوم وهى التي ترمى بها الشياطين عند استراقهم السمع وروي عطاء عنه انه القرآن وقيل أراد النجوم كلها وقيل النجم النبت الذى لا ساق له كاليقطين وهويه سقوطه على الارض. وقال جعفر الصادق يعني محمدا صلى الله عليه وسلم اذ نزل من السماء ليلة المعراج (وأثبتت) ماض من الاثبات (رؤيته) بالنصب مفعول وفاعله جماهير (ليلتئذ) أى ليلة الاسراء (من غير ادراك ولا احاطة) هما هنا واحد والثانى تفسير للأوّل وفيه اشارة الى الرد على مانع الرؤية بقوله لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وسيأتي ما فيه (عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) يعني الانبياء والمرسلين (وقيل كان الاسراء) قبل البعثة كما في رواية شريك ابن أبي نمرو قيل (سنة ست أو خمس من المبعث وقيل لسنة) وشهرين وقيل (وثلاثة أشهر) وقيل وخمسة أشهر وقيل لسنة ونصف وقيل لثلاث سنين (انه كان في رجب) أى ليلة سبع وعشرين منه (وقال غيره) كالواقدي (في رمضان) وقال الماوردي في شوال (والصحيح الاول انه بالروح والجسد) أى لتواتر الاخبار الصحيحة بذلك وهو ظاهر القرآن (وطريقة الجمع بينهما ان يقال كان ذلك مرتين) بل ذكر أبو شامة ان مجموع أحاديث الاسراء وما فيها من الاختلاف يقتضي ان الاسراء كان أربع مرات (كما في حديث شريك)

<<  <  ج: ص:  >  >>