للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حياتهم وانهم يرزقون في الجنة من وقت القتل حتى كان حياة الدنيا دائمة لهم فانهم لا يجدون مس القتل الا كما يجد احدنا مس القرصة وانهم يتمنون على ربهم الرجوع الى الدنيا لتكرر لهم الشهادة* وفي النسائى ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم الا الشهيد قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة وفي صحيح البخاري عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى احد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر اخذا للقرآن فاذا أشير له الى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا وفيه عن جابر قال لما قتل أبي جعلت أبكي واكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهونى والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينهنى وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تبكيه اولا تبكه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع وعن جابر أيضا قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الله احيا اباك وكلمه كفاحا وما كلم احدا قط الا من وراء الحجاب قال يا عبدي تمن على اعطك فقال يا رب تردنى الى الدنيا (وانهم لا يجدون مس القتل الى آخره) رواه النسائي عن أبي هريرة والطبراني في الاوسط عن أبى قتادة (القرصة) بفتح القاف والمهملة واسكان الراء بينهما (وانهم يتمنون الرجوع الى الدنيا) رواه الشيخان والترمذي والنسائي عن أنس (وفي سنن النسائي) هو أحمد بن شعيب مات سنة ثلاث وثلاثمائة (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة) قال الترمذى الحكيم معناه انه لو كان في هؤلاء المقتولين نفاق كانوا اذا التقى الزحفان وبرقت السيوف فروا لان من شأن المنافق الفرار والروغان عند ذلك ومن شأن المؤمن البذل والتسليم لله نفسا وهيجان حمية الله والتعصب له لاعلاء كلمته فهذا قد ظهر صدق ما في ضميره حيث برز للحرب والقتل فلم يعد عليه السؤال في القبر (ولم يصل) بكسر اللام وفتحها. قال العلماء في ترك الصلاة على الشهداء شعار باستغنائه عن الدعاء (ولم يغسلهم) ابقاء لاثر الشهادة وروي أحمد وأبو داود وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر يومئذ بالشهداء ان ينزع عنهم الحديد والجلود وقال ادفنوهم بدمائهم وثيابهم (وفيه) أي في صحيح البخاري (عن جابر) وأخرجه عنه مسلم والنسائي أيضا (والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينهني) رحمة له وشفقة عليه لعلمه ان بكاه لم يكن فيه جزع ولا سخط لقضاء الله عز وجل (تبكيه أو لا تبكه) قيل هو تخيير وقيل شك من الراوي وفي بعض طرق الصحيحين ان التي بكته أخته فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فيجمع بينهما بانه قال لهما معا (ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع) أي تزاحما عليه لصبره برضا الله عنه ما أعدله من الكرامة أو اكراما له وفرحا به أو اظلوه من حر الشمس لئلا يتغير ريحه أو جسمه أو لانه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله (كفاحا) بكسر الكاف وبالفاء والحاء المهملة أي من غير حجاب وهو عبارة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>