للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فديناك بآبائنا وأمهاتنا قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أمنّ الناس علىّ بماله وصحبته أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الاسلام لا يبقين في المسجد خوخة الاخوخة أبى بكر وأوصى يومئذ بانفاذ جيش أسامة وأوصى بالانصار فقال يا معشر المهاجرين استوصوا بالانصار خيرا فان الناس يزيدون وان الانصار على هيئتها لا تزيد وانهم كانوا عيبتي وسلم فبكا حزنا على فراقه وانقطاع الوحي وغير ذلك من الخيرات (فديناك بآبائنا) فيه دليل لجواز التفدية وقد قاله صلى الله عليه وسلم (هو المخير) بالنصب خبر كان وهو عماد وصلة (أعلمنا به) بالنصب خبر كان (ان أمن الناس على في ماله وصحبته أبو بكر) قال العلماء معني أكثرهم جودا وسماحة لنا بنفسه وماله وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة لانه أذى مبطل للثواب ولان المنة لله تعالي ولرسوله صلى الله عليه وسلم في قبول ذلك وغيره (لو كنت متخذا خليلا) غير ربى (لا اتخذت أبا بكر خليلا) ولكن محبة ربي استولت على جميع قلبي فلم يبق فيه وسع لغيره لان معني الخليل أن لا يتسع قلبه لغير خليله وللعلماء خلاف في معنى الخلة كما سبق قال ابن فورك الخلة صفاء المودة بتخلل الاسرار وقيل أصلها المحبة وللعلماء خلاف هل المحبة أرفع أم الخلة أم هما سواء فقالت طائفة لا يكون الحبيب الا خليلا وعكسه وقيل المحبة أرفع اذهي صفة نبينا صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث حسن الا وأنا حبيب الله وهو أفضل من الخليل وقيل الخلة أرفع فقد ثبتت لنبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وقد نفا ان يكون له خليل سوى الله مع اثبات محبته لخديجة وعائشة وأبيها وأسامة وأبيه وفاطمة وابنيها قال النووي وغيره ولا ينافي هذا الحديث قول أبي هريرة وغيره من الصحابة سمعت خليلى صلى الله عليه وسلم اذ تحسن لغيره صلى الله عليه وسلم الانقطاع اليه ولا عكس (ولا يبقين) بنون التأكيد الثقلية (خوخة) بفتح المعجمة المكررة وسكون الواو وهي الباب الصغير بين البيتين والدارين ونحوه وفيه ان المساجد تصان عن تطرق الناس اليها الا من أبوابها الا لحاجة مهمة قاله النووي (الا خوخة أبي بكر) أي فلا تسدوها وكان سبب ذلك انه رأى عليها نورا كما رواه الطبراني وذلك اشارة الى خلافته ولاحمد والنسائي وغيرهما باسانيد حسنة انه أمر بسد الابواب الا باب علىّ والجمع بينهما كما قاله الطحاوي والكلاباذي والحافظ ابن حجر وغيرهما ان الامر بسد الابواب وقع مرتين ففي الاولى استثنى عليا حيث قال لا يحل لاحد ان يستطرق هذا المسجد غيرى وغيرك وذلك قبل مرضه بمدة وفي الثانية استثنى أبا بكر وذلك في مرض موته وكانت الثانية في الخوخ والاولى في الابواب فكانهم لما أمروا بسد الابواب سدوها وأحدثوا خوخا واخطأ ابن الجوزي حيث زعم ان حديث على موضوع وضعته الرافضة ليقابلوا به حديث أبي بكر (استوصوا بالإنصار خيرا) فيه رمز الى ان الخلافة لا تكون فيهم والا لاوصاهم ولم يوص بهم (ان الانصار على هيئتها لا تزيد) فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم فانهم صاروا من أقل الناس كما قال في رواية انهم يقلون حتى يكونوا كالملح في الطعام (عيبتي) أي خاصتى الذين أثق بهم واعتمد عليهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>