للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان شيخا كبيرا قد عمى فقالت له خديجة يابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة يابن أخى ماذا ترى فاخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذى أنزل الله على موسى يا ليتنى فيها جذعا يا ليتني أكون حيا اذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو مخرجي هم قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به الاعودى (يابن عم) هو الصواب كما مر في نسبه ووقع في مسلم أي عم قال ابن حجر وهو وهم لانه وان صح ان تقوله توقيرا أي كما زعمه النووى لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين فيتعين الحمل على الحقيقة قال وانما جوزنا ذلك فيما مضى في العبراني والعربي لانه من كلام الراوي في وصف ورقة واختلفت المخارج فامكن التعدد قال وهذا الحكم يطرد في جميع ما أشبهه. قال في الديباج وعندي انها قالت ابن عم على حذف حرف النداء فتصحف ابن باي (اسمع) بهمز وصل (من ابن أخيك) قالته اما توقيرا لسنه واما لان ورقة ووالده صلى الله عليه وسلم في عدد النسب الى قصي بن كلاب الذي يجتمعان فيه سواء فكان في درجة اخوته (هذا الناموس) أى جبريل فهو اسم من أسمائه كذا في الديباج ونزله منزلة القريب لقرب ذكره والناموس لغة صاحب سر الخير والجاسوس صاحب سر الشر وقيل الناموس صاحب السر مطلقا المطلع على باطن الامر يقال نمست الرجل أي ساررته ونمست السر كتمته (أنزل الله) في رواية الكشميهنى في صحيح البخاري نزل الله وفي التفسير أنزل بالبناء للمفعول (على موسى) في رواية عند أبي نعيم في الدلائل قال السيوطى بسند حسن على عيسى. قال النووي وكلاهما صحيح قال ابن حجر فكانه قال عند إخبار خديجة له على عيسى وعند إخباره صلى الله عليه وسلم على موسى (يا ليتنى فيها) أي في أيام النبوة ومدتها (جذعا) أي شابا قويا حتى أقوى على نصرتك وأتمكن منها وهو بفتح الجيم والمعجمة الصغير من البهائم ثم استعير للشاب وهو نصب على الحال قاله السهيلي ورجحه عياض والنووي أو على انه خبر كان المقدرة قال الخطابى أو بتقدير جعلت قاله ابن بري أو على ان ليت تنصب الاسم والخبر وفي رواية الاصيلي في البخارى وابن ماهان في مسلم بالرفع خبر ليت وقال ابن بري المشهور عند أهل اللغة والحديث جذع بسكون العين وهو رجز مشهور عندهم يتمثلون به يقولون

يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع

(أو مخرجي هم) بهمزة الاستفهام وواو العطف مفتوحة ومخرجى بتشديد الياء جمع مخرج قلبت واو الجمع ياء وأدغمت في ياء الاضافة وهو خبر مقدم وهم مبتدأ مؤخر قال في التوشيح نقلا عن ابن مالك ولا يجوز العكس لئلا يلزم الاخبار بالمعرفة عن النكرة لان اضافة مخرجى غير محضة قال ويجوز كون هم فاعلا سد مسد الخبر ومخرجى مبتدأ على لغة أكلونى البراغيث قال ولو روي بتخفيف الياء على انه مفرد لجاز وجعل مبتدا وما بعده فاعل سد مسدا الخبر انتهي. ولابن هشام ان ورقة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليكذبنك فلم يقل شيئا ثم قال وليؤذنك فلم يقل شيئا ثم قال وليخرجنك قال أو مخرجي هم قال ففي هذا دليل على حب الوطن وشدة مفارقته على النفس وأيضا فانه حرم الله وجوار بيته فلذلك تحركت نفسه عند ذكر الخروج بخلاف ما قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>