للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء وانه يؤيد به عباده الانبياء وسماه روح القدس والروح الامين واختصه لوحيه من بين الملائكة المقربين وحكى في قوله تعالى في حق النبى صلى الله عليه وآله وسلم وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لجبريل هل أصابك من هذه الرحمة شيء قال نعم كنت أخشى العاقبة فامنت لثناء الله عز وجل علىّ بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ووصفه الله سبحانه وتعالى بالقدس لانه لم يقترف ذنبا وسماه روحا للطافته ولمكانته من الوحي الذي هو مسبب حياة القلوب* وأما عدد نزوله على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فرأيت في بعض التواريخ أنه نزل عليه ستا وعشرين ألف مرة ولم يبلغ أحد من الانبياء هذا العدد وأما صفة مجيئه الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فثبت في صحيح البخارى عن عائشة ان الحرث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس شخص لا يلزم منه تفضيله على من سواه (وسماه روح القدس) في قوله تعالى إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ على القول بأن الروح جبريل وقوله تعالى قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ والقدس بضم القاف وفي الدال الضم والسكون الطهارة سمي جبريل بذلك لانه لم يقارف ذنبا (وحكي في قوله تعالى في حق النبى صلى الله عليه وآله وسلم الى آخره) ذكره عياض في الشفا بهذه الصيغة (كنت أخشى العاقبة) قبل بعثتك فلما بعثت أثنى الله علي في الكتاب المنزل عليك بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (فامنت) العاقبة (لثناء الله عز وجل على) الذى كنت السبب في معرفتي اياه فكنت رحمة لي من هذه الحيثية كسائر العالمين (نزل عليه ستا وعشرين ألف مرة) الذى ذكره ابن عادل أربعا وعشرين ألفا (ولم يبلغ أحد من الانبياء هذا العدد) بل كان نزوله على آدم اثنتي عشرة مرة وعلى ادريس أربع مرات وعلى ابراهيم اثنين وأربعين مرة وعلى نوح خمسين مرة وعلى موسى أربعمائة مرة وعلى عيسى عشر مرات ذكر ذلك ابن عادل أيضا (فثبت في صحيح البخارى) وصحيح مسلم وغيرهما ان الحرث بن هشام هو شقيق أبي جهل أسلم يوم الفتح وحسن اسلامه واستشهد يوم اليرموك أيام عمر في رجب سنة خمس عشرة وقيل في طاعون عمواس سنة سبع عشرة أو خمس عشرة قولان وظاهر ذلك ان الحديث في مسند عائشة وعليه اعتمد أصحاب الاطراف فكانها حضرت القصة ويحتمل كما قال السيوطي وغيره ان يكون الحرث أخبرها بذلك ويكون مرسل صحابي وحكمه الوصل ويؤيده ان في مسند أحمد وغيره من طريق عامر بن صالح الزبيرى عن هشام عن أبيه عن عائشة عن الحرث ابن هشام قالت سألت ولكن عامر بن صالح ضعيف اعتضد بمتابعه عند ابن منده (صلصلة) بفتح المهملتين وهي في الاصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين وقيل هو صوت متدارك لا يفهم في أوّل وهلة. قال النووى قال العلماء والحكمة في ذلك ان يتفرغ سمعه ولا يبقى فيه ولا في قلبه مكان لغير صوت الملك انتهى وقيل انما كان يأتيه كذلك اذا نزلت آية وعيد أو تشديد والصلصلة المذكورة هي صوت الملك بالوحي وقيل صوت خفق أجنحته (الجرس) بفتح الجيم والراء آخره مهملة

<<  <  ج: ص:  >  >>