للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم اذا حدث بحديث تبسم في حديثه. وفي حديث ابن أبى هالة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الفكر ليست له راحة طويل السكت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلام فصلا لا فضول فيه ولا تقصير دمثا ليس بالجافي ولا المهين اذا أشار أشار بكفه كلها واذا تعجب قلبها واذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى بطن ابهامه اليسرى. وفيه أيضا كان سكوته صلى الله عليه وسلم على أربع على الحلم والحذر والتقدير والتفكير. فاما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأما تفكره ففي ما يبقى ويفنى* وأما فصاحته صلى الله عليه وسلم فمن تأمل حديثه وسيره وجوامع كلمه وأدعيته وبديهات خطبه ومخاطبته مع وفود العرب على اختلاف لغاتها وجواب كل منهم على نحو أو في المرة الثانية لم يزد عليها (متواصل الاحزان) قال ابن قيم الجوزية هذا الحديث لا يثبت وفي إسناده من لا يعرف وكيف يكون متواصل الاحزان وقد صانه الله تعالى عن الحزن في الدنيا واشباهها ونهاه عن الحزن على الكفار وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فمن أين يأتيه الحزن بل كان دائم البشر ضحوكا انتهي وأخرج الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة كان من أضحك الناس وأطيبهم نفسا وقال ابن تيمية ليس المراد بالحزن في حديث أبي هالة الألم على فوت مطلوب أو حصول مكروه فان ذلك منهي عنه ولم يكن من حاله وانما المراد الاهتمام والتيقظ لما استقبله من الامور انتهى (قلت) ما ذكره ابن القيم الجوزية مبتعد اذ ليس من لازم كونه مغفورا له مع ما ذكره أن لا يعتريه الحزن صلى الله عليه وسلم الذي هو من سمات البشر فليس في حديث هند هذا أن حزنه كان للذنوب المنزه عنها ولا على الكفار بل حزنه صلى الله عليه وسلم لاجل أمته كما هو في الحديث بل لو قيل أن حزنه صلى الله عليه وسلم كان خوفا من ربه جل وعلا لم يناقض كونه مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقد قال والله اني لاخشاكم لله واتقاكم له فاذا حزن وخاف من هو دونه في الحسنة فما ظنك به صلى الله عليه وسلم الحالّ باعلا الدرجات منها ويلزم على ما قاله ابن قيم الجوزية أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يبكى وبكاؤه صلى الله عليه وسلم حتى كان يسمع لجوفه أزيزكأزيز المرجل مشهور في الاحاديث الصحيحة وان كان البكاء ربما كان فرحا الا أن قرينة الحال تقتضى انه كان خوفا أو شوقا له جل وعلا أما اذا كان فلا بد معه من الحزن ولا ينافي هذا ما جاء في حديث الطبراني الذي ذكرته آنفا لان ذلك كان سيرته مع أصحابه بسطا لهم وايناسا وعملا بقوله لا تحقرن من المعروف شيئا الحديث (السكت) بفتح الفوقية وسكون الكاف أى السكوت (دمثا) بفتح المهملة وكسر الميم ثم مثلثة من الدمائة وهي سهولة الخلق (ولا المهين) قال الشمنى بفتح الميم وضمها من الاهانة أى لا يهين أحدا من الناس وبالفتح من المهانة أى الحقارة (اذا أشار أشار بكفه كلها) قال ابن الاثير ما معناه كانت اشارته صلى الله عليه وسلم مختلفة فما كان في ذكر التوحيد والتشهد كان بالمسبحة فقط وما كان في غير ذلك كان بكل الكف فرقا بين الاشارتين (وفيه أيضا) أى في حديث هند بن أبي اهالة (والحذر)

<<  <  ج: ص:  >  >>