للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانقياد لها والتسليم فقال تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً الى علمه صلى الله عليه وسلم بكتب الله القديمة وحكم الحكماء وسير الامم الخالية وفنون العلم الثابتة كالعبارة والطب والحساب والفرائض والنسب وغير ذلك مما قدمنا الاشارة اليه في باب المعجزات* وأما الحلم والاحتمال والعفو مع القدرة والصبر على ما يكره ومعانيها متقاربة وهى مما يلقاها صلى الله عليه وسلم عن أمر ربه بالقبول والاقبال وبلغ فيها أعلى درجات الكمال فقال تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ. وروي ان النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه سأل جبريل عن تأويلها فقال له (الانقياد) بالرفع (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الآية) سبب نزولها ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن الزبير انه خاصم رجلا من الانصار قد شهد بدرا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سراج الحرة كانا يسقيان به كلاهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير يا زبير اسق يا زبير ثم أرسل الى جارك فغضب الانصاري فقال يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر الحديث وهذا الرجل هو حاطب بن أبي بلتعة وهو لخمي أو مذحجي قولان ولكن كان له حلف في قريش وفي الانصار فمن ثم نسب في هذا الحديث الى الانصار وقوله تعالى فَلا أي ليس الامر كما زعموا انهم مؤمنون بك ثم لا يرضون بحكمك وقوله وَرَبِّكَ استئناف قسم قال البغوى ويجوز أن تكون لا صلة كقوله لا أُقْسِمُ (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أي يجعلوك حكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أى اختلف واختلط من أمرهم والتبس حكمه عليهم وسمى الشجر لالتفاف اغصانه بعضها الى بعض (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) من حكمك أى شكا قاله مجاهد أو ضيقا قاله غيره أو اثما بانكارهم قضاءك قاله الضحاك (وَيُسَلِّمُوا) أى ينقادوا الحكمك (تَسْلِيماً) أي انقيادا (وحكم) جمع حكمة (والحلم) قال في الشفاء الحلم حالة توقر وثبات عند الاسباب المحركات (والاحتمال) قال هو حبس النفس عند الآلام والمؤذيات ومثله الصبر (والعفو) قال هو ترك المؤاخذات (ومعانيها متقاربة) لكن يظهر أن الاحتمال أبلغ من الحلم لان من حبس نفسه عند الآلام والمؤذيات سهل عليه التوقر والثبات عند الاسباب المحركات اذ هذا حبس النفس أيضا ولا شك ان العفو أبلغ منهما لان الحليم والمحتمل ربما عاقب بخلاف العفو (خُذِ الْعَفْوَ) أي من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تحسن وذلك مثل قبول العذر والعفو والمساهلة وترك البحث عن مالا يعنى قاله ابن الزبير ومجاهد او معناه خذ ما عفي لك من الاموال وهو الفضل عن العيال ثم نسخ بفرض الزكاة قاله ابن عباس والسدى والضحاك والكلبي (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) أي بالمعروف وهو كل ما يعرفه الشرع أو لا إله الا الله قولان (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) كابي جهل وأصحابه نسختها آية القتال (روي ان النبي صلى الله عليه وسلم الى آخره) هكذا هو في تفسير البغوى والشفاء

<<  <  ج: ص:  >  >>