للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحذر الناس ويحترس منهم من غير ان يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه ويعطى كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه ان أحدا أكرم عليه منه. من جالسه أو قاربه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرده الا بها أو بميسور من القول قد وسع بسطه الناس وخلقه وصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء بهذا وصفه ابن أبى هالة قال وكان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ وبذلك وصفه ربه فقال فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وقال تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وكان صلى الله عليه وسلم يمازحهم ويخالطهم ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجره ويعود مرضاهم ويشهد موتاهم ويقبل عذر المعتذر منهم ويكنيهم ويدعوهم بأحب أسمائهم اليهم ويقبل هداياهم ويكافئ عليها ويجيب من دعاه الى طعام أو الى وليمة ويذهب اليها وكان يشيع مسافرهم ويودعهم ويوصيهم ويتلقى قادمهم واذا قدم من سفر تلقى بصبيان أهل بيته فيتحملهم بين يديه وخلفه وكان يتحمل لأصحابه فضلا عن تحمله لاهله فاذا أراد أن يخرج اليهم نظر في الماء والمرآة وسوى شعره وعدل عمامته ويقول ان الله يحب من عبده اذا خرج الى اخوته ان يتهيأ اليهم ويتجمل وكان يتفقد أصحابه فمن خاف ان يكون وجد في نفسه شيئا قال لعل فلانا وجد علينا في شي أو رأى منا تقصير اذهبوا بنا اليه فينطلق الى منزله وكان ينزل الناس منازلهم فيكرم أهل الشرف من غير تقصير في حق غيرهم وكان لا يدع أحدا يمشى ولا يجلس خلفه ويقول خلوا ظهري للملائكة ولا يمد رجليه بينهم ويوسع عليهم اذا ضاق المكان ولا يقدم ركبتيه أمام ركبهم (ويحذر الناس) بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه (الشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (لا يحسب) بالرفع والضم (أكرم) بالرفع (قاربه) بالموحدة (هو المنصرف) بالفتح وهو صلة (الناس) بالنصب (بسطه وخلقه) بالرفع (سواء) بالنصب (ابن أبي هالة) اسمه هند كما مر (فيما رحمة من الله) أي فبرحمة وما صلة (لنت لهم) أى سهلت اخلاقك لهم واحتملتهم ولم تسرع اليهم بالمعاقبة فيما كان منهم يوم أحد من الفرار (ولو كنت فظا) أي جافيا سيء الخلق قليل الاحتمال (غليظ القلب) قاسيه (لانفضوا) أي لنفروا (من حولك) وتفرقوا عنك (في حجره) بفتح المهملة وكسرها (كان يتجمل) بالجيم (فضلا) أى زيادة (وجد) أى غضب (خلوا ظهري للملائكة) أخرجه ابن سعد عن جابر

<<  <  ج: ص:  >  >>