للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل وأما تواضعه صلى الله عليه وسلم على علو منصبه]

«فصل» وأما تواضعه صلى الله عليه وسلم على علو منصبه فانه منتشر والخبر به مشهور وحسبك انه خيّر بين أن يكون نبيا ملكا أو نبيا عبدا فاختار أن يكون نبيا عبدا فقال له اسرافيل فان الله قد أعطاك بما تواضعت له انك سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الارض وأول شافع. وكان صلى الله عليه وسلم يجيب من دعاه وان كان دنيا بلبيك ويعود المساكين ويسلم على الصبيان اذ امر عليهم ويجالس الفقراء ويجلس بين أصحابه محيطا بهم حيث ما انتهى به المجلس ويعجب مما يعجبون ويضحك مما يضحكون. وقالت عائشة كان في بيته في مهنة أهله يفلى ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويخصف نعله ويخدم نفسه ويقم البيت ويعقل البعير ويهنئه ومر بغلام يسلخ شاة وما يحسن فقال له تنح حتى أريك فادخل يده صلى الله عليه وسلم بين اللحم والجلد فدحس حتى دخلت الى الابط وكان يذبح أضحيته وبدنه ويعلف ناضحه ويأكل مع الخادم ويعجن مع أزواجه ويحمل بضاعته من السوق ودخل عليه صلى الله عليه وسلم رجل فارتعد من هيبته فقال هون عليك فانى لست بملك انما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد ودخل صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح مطأطئا رأسه حتى كاد يمس عثنونه قادمة الرحل والطبراني وابن أبى عدى عن أبي امامة وأخرجه ابن جرير عن ابن عمر.

(فصل) في تواضعه صلى الله عليه وسلم (وحسبك أنه خير الي آخره) هذا لفظ عياض في الشفاء (ويسلم على الصبيان) فيه استحباب السلام على الصبى المميز وذكر أبو نعيم في كتابه عمل اليوم والليلة أن صفة السلام على الصبيان السلام عليكم يا صبيان (في مهنة أهله) أي خدمتهم وهو بفتح الميم وحكي أبو زيد والكسائي الكسر وانكره الاصمعي وعن المزي أن كسر الميم أحسن ليكون على الخدمة وزنا ومعني (وكان يفلي ثوبه) أخرجه أبو نعيم في الحلية عن عائشة. قال الشمنى قيل إنه عليه الصلاة والسلام لم يقع عليه ذباب قط ولم يكن القمل يؤذيه تكريما له وتفخيما (ويحلب شاته) أخرجه أبو نعيم أيضا عنها وكذا قوله ويخدم نفسه (ويرقع ثوبه ويخصف نعله) أخرجه أحمد عنها والخصف باعجام الخاء واهمال الصاد هو الخرز (ويقم) بضم القاف أي يكنس (البيت) زاد أحمد ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم (ويهنئه) بالنون بوزن يلزمه أى يطلبه بالبناء بالهمز والمد وهو القطران (فدحس) بمهملات (وكان يذبح أضحيته) بيده أخرجه أحمد عن أنس (ناضحه) باعجام الضاد واهمال الحاء أي بعيره وأصل الناضح الذي يستقى عليه ثم استعمل في غيره توسعا (فارتعد من هيبته) ولعياض في الشفاء فاصابته من هيبته رعدة (تأكل) بالفوقية (القديد) اللحم المقدد أي المقطع (عثنونه) بضم المهملة والنون المكررة وسكون المثلثة بينهما قال في القاموس العثنون اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين أو نبت على الذقن وتحته سفلى أو هو طولها أو شعرات

<<  <  ج: ص:  >  >>