للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يدفع عنه «١» .

فليتأمل المنصف: أيسرّ أحدا أن يقول هذا عن نفسه في كتاب هو من تأليفه وإنشائه.

واقرأ إن شئت قوله تعالى قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) [يونس: ١٥- ١٦] .

والمعنى: إن هذا القرآن فوق طاقتي وليس من مقدوري وما أنا إلا ناقل له اتبع ما يوحى إليّ منه، وإني أخاف سطوة منزل هذا الكتاب إذا أنا تلاعبت بنصوصه أو غيّرت فيه، فالقرآن كلامه، ولو أراد ألا أكون رسولا بينه وبينكم ما تلوته عليكم ولم تتمكنوا من درايته وفهمه، فقد نشأت بينكم وعرفتم حالي حضرا وسفرا مدة أربعين سنة قبل نزوله- وهو عمر طويل- وأنتم تعلمون أني لم أكن أقرأ ولا أكتب ولا تعلمت من أحد مثله أو قريبا منه، بل أنا أمّي، لم تسمعوا مني مطلقا مثل هذا الكلام المعجز، ولم تجربوا عليّ كذبة واحدة في حياتي، فكيف أفتري على الله سبحانه وأكذب عليه بعد هذا العمر الطويل، أفلا تعقلون؟! «٢» .

وصدق الله القائل: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) [العنكبوت: ٤٨] .


(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(٢) مناهل العرفان ٢/ ٤٣٢، وبدائع التفسير من كلام ابن القيم ٢/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>