كتاب بينات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومعجزاته

[معجزات خارقة في شهادة الحيوان وانقياده]

[[١] شهادة الذئب بنبوته صلى الله عليه وسلم:]

عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه: قال: عدا الذّئب على شاة فأخذها، فطلبه الرّاعي فانتزعها منه، فأقعى «١» الذّئب على ذنبه، قال: ألا تتّقي الله تنزع منّي رزقا ساقه الله إليّ! فقال يا عجبي! ذئب مقع على ذنبه يكلّمني كلام الإنس!! فقال الذّئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بيثرب يخبر النّاس بأنباء ما قد سبق! قال: فأقبل الرّاعي يسوق غنمه حتّى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثمّ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي الصّلاة جامعة، ثمّ خرج فقال للرّاعي: أخبرهم، فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق، والّذي نفسي بيده لا تقوم السّاعة حتّى يكلّم السّباع الإنس ويكلّم الرّجل عذبة «٢» سوطه وشراك نعله «٣» ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده «٤» .

وذكر الحافظ ابن عدي عن ابن أبي داود أن ذرية هذا الراعي في مدينة مرو، وأنّه يقال لهم: بنو مكلم الذئب «٥» ، واستدل البيهقي بذلك على اشتهار

(١) أقعى: جلس مفترشا رجليه ناصبا يديه.
(٢) عذبة السوط: طرفه.
(٣) الشراك هو سير النعل الذي على ظهر القدم.
(٤) القصة وردت من رواية أبي سعيد الخدري ومن رواية أبي هريرة وقد أخرجها الإمام أحمد في المسند ٢/ ٣٠٦ و ٣/ ٨٣- ٨٨. قال ابن كثير في البداية والنهاية ٦/ ١٥٠: وهذا إسناد على شرط الصحيح. وابن حبان في صحيحه ١٤/ ٤١٩ والحاكم في المستدرك ٤/ ٥١٤ وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وعبد بن حميد في مسنده ١/ ٢٧٧ وإسحاق بن راهوية في مسنده ١/ ٣٥٧ ومعمر بن راشد في الجامع ١١/ ٣٨٣ والأصبهاني في دلائل النبوة ١/ ١١٢- ١١٣ والبيهقي في دلائل النبوة ٦/ ٤١- ٤٢ وقال: هذا إسناد صحيح.
(٥) الكامل لابن عدي ٢/ ١٥٠.