للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قُرَيْشٍ، لِيُبِرَّ يَمِينَهُ، فَسَلَكَ النَّجْدِيَّةَ حَتَّى نَزَلَ بِصُدُورِ قَنَاةٍ إِلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ تَيْتٌ، مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ نَحْوَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى بَنِي النَّضِيرِ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَأَتَى حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ وخافه، فأبى فَانْصَرَفَ إِلى سَلامِ بْنِ مِشْكَمٍ- وَكَانَ سَيِّدَ النَّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ، وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ- فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَرَاهُ وَسَقَاهُ، وَبَطَنَ لَهُ خَبَرَ النَّاسِ، ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ، حَتَّى جَاءَ أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنْهَا يُقَالُ لَهَا الْعَرِيضُ، فَحَرَّقُوا فِي أَصْوَارٍ مِنْ نَخْلٍ لَهَا، وَوَجَدُوا رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا فَقَتَلُوهُمَا ثُمَّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ، وَنَذَرَ بهم الناس، فخرج رسول الله ص فِي طَلَبِهِمْ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا، وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْ مَزَاوِدِ الْقَوْمِ مَا قَدْ طَرَحُوهُ فِي الْحَرْثِ، يَتَخَفَّفُوَن مِنْهُ لِلنَّجَاةِ فَقَالَ المسلمون حين رجع بهم رسول الله ص:

أَنَطْمَعُ أَنْ تَكُونَ لَنَا غَزْوَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَالَ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ يُحَرِّضُ قُرَيْشًا:

كُرُّوا عَلَى يَثْرِبَ وَجَمْعِهِمْ ... فَإِنَّ مَا جَمَعُوا لَكُمْ نَفْلٌ

إِنْ يَكُ يَوْمَ الْقَلِيبِ كَانَ لَهُمْ ... فَإِنَّ مَا بَعْدَهُ لَكُمْ دُوَلٌ

آلَيْتُ لا أَقْرَبُ النِّسَاءَ وَلا ... يَمَسُّ رَأِسي وَجِلْدِي الْغُسْلُ

حَتَّى تَبِيرُوا قَبَائِلَ الأوس و ... الخزرج، إِنَّ الْفُؤَادَ مُشْتَعلٌ

فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:

تلهف أُمِّ الْمُسَبِّحِينَ عَلَى ... جَيْشِ ابْنِ حَرْبٍ بِالْحَرَّةِ الفشل

إذ يطرحون الرجال من سئم ... الطَّيْرِ تَرْقَى لِقُنَّةِ الْجَبَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>