للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُ جَنَاحَيْ طَيِّئٍ، فَأَجِّلْنِي أَيَّامًا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْتَقِذَ جَدِيلَةَ كَمَا انْتَقَذَ الْغَوْثَ، فَفَعَلَ، فَأَتَاهُمْ عَدِيٌّ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى بَايَعُوهُ، فَجَاءَهُ بِإِسْلامِهِمْ، وَلَحِقَ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَلْفُ رَاكِبٍ، فَكَانَ خَيْرَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي أَرْضِ طَيِّئٍ وَأَعْظَمَهُ عَلَيْهِمْ بَرَكَةً.

وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ أُسَامَةُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ، جَدَّ فِي حَرْبِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَخَرَجَ بِالنَّاسِ وَهُوَ فِيهِمْ حَتَّى نَزَلَ بِذِي الْقُصَّةِ، مَنْزِلا مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ مِنْ نَحْوِ نَجْدٍ، فَعَبَّى هُنَالِكَ جُنُودَهُ، ثُمَّ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى النَّاسِ، وَجَعَلَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ عَلَى الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُ إِلَى خَالِدٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَصْمُدَ لِطُلَيْحَةَ وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَهُمَا عَلَى بُزَاخَةَ، مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ بَنِي أَسَدٍ، وَأَظْهِرْ أَنِّي أُلاقِيَكَ بِمَنْ مَعِي مِنْ نَحْوِ خَيْبَرَ، مَكِيدَةً، وَقَدْ أَوْعَبَ مَعَ خَالِدٍ النَّاس، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ عَدُوَّهُ فَيُرْعِبَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَسَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ بَعَثَ عُكَاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ، وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ- أَحَدَ بَنِي الْعَجْلانِ حَلِيفًا لِلأَنْصَارِ- طَلِيعَةً، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْقَوْمِ خَرَجَ طُلَيْحَةُ وَأَخُوهُ سَلَمَةُ يَنْظُرَانِ وَيَسْأَلانِ: فَأَمَّا سَلَمَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ ثَابِتًا أَنْ قَتَلَهُ، وَنَادَى طُلَيْحَةُ أَخَاهُ حِينَ رَأَى أَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَاحِبِهِ أَنْ أَعِنِّي عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنَّهُ آكِلٌ، فَاعْتَوَنَا عَلَيْهِ، فَقَتَلاهُ ثُمَّ رَجَعَا، وَأَقْبَلَ خَالِدٌ بِالنَّاسِ حَتَّى مَرُّوا بِثَابِتِ بْنِ أَقْرَمَ قَتِيلا، فَلَمْ يَفْطِنُوا لَهُ حَتَّى وَطِئَتْهُ الْمَطِيُّ بِأَخْفَافِهَا، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ نَظَرُوا فَإِذَا هُمْ بِعُكَاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ صَرِيعًا، فَجَزِعَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: قُتِلَ سَيِّدَانِ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَفَارِسَانِ مِنْ فِرْسَانِهِمْ، فَانْصَرَفَ خَالِدٌ نَحْوَ طَيِّئٍ.

قَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْمُحِلِّ ابن خَلِيفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: بَعَثْتُ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنْ سِرْ إِلَيَّ فَأَقِمْ عِنْدِي أَيَّامًا حَتَّى أَبْعَثَ إِلَى قَبَائِلِ طَيِّئٍ، فَأَجْمَعَ لَكَ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّنْ مَعَكَ، ثُمَّ أَصْحَبُكَ إِلَى عَدُوِّكَ قَالَ: فَسَارَ إِلَيَّ.

قَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ بَعْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>