للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَابُوكُمْ إِلَى دَاعِيَةِ الإِسْلامِ فَسَائِلُوهُمْ، فَإِنْ أَقَرُّوا بِالزَّكَاةِ فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ، وَإِنْ أَبَوْهَا فَلا شَيْءٌ إِلا الْغَارَةُ وَلا كَلِمَةٌ فَجَاءَتْهُ الْخَيْلُ بِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ فِي نَفَرٍ مَعَهُ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ، مِنْ عَاصِمٍ وَعُبَيْدٍ وَعُرَيْنٍ وَجَعْفَرٍ، فَاخْتَلَفَتِ السَّرِيَّةُ فِيهِمْ، وَفِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَكَانَ فِيمَنْ شَهِدَ أَنَّهُمْ قَدْ أَذَّنُوا وَأَقَامُوا وَصَلَّوْا فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِمْ أَمَرَ بِهِمْ فَحُبِسُوا فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، وَجَعَلَتْ تَزْدَادُ بَرْدًا، فَأَمَرَ خَالِدٌ مُنَادِيًا فَنَادَى: ادفئوا اسراكم، وكانت في لغة كنانه إذا قَالُوا: دَثِّرُوا الرَّجُلَ فَأَدْفِئُوهُ، دِفْئُهُ قَتْلُهُ وَفِي لُغَةِ غَيْرِهِمْ: أَدْفِهِ فَاقْتُلْهُ، فَظَنَّ الْقَوْمُ- وَهِيَ فِي لُغَتِهِمِ الْقَتْلُ- أَنَّهُ أَرَادَ الْقَتْلَ، فَقَتَلُوهُمْ، فَقَتَلَ ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ مَالِكًا، وَسِمَع خَالِدٌ الْوَاعِيَةَ، فَخَرَجَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْهُمْ، فَقَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا أَصَابَهُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ فِيهِمْ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: هَذَا عَمَلُكَ، فَزَبَرَهُ خَالِدٌ فَغَضِبَ وَمَضَى، حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ فَغَضِبَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، حَتَّى كَلَّمَهُ عُمَرُ فِيهِ، فَلَمْ يَرْضَ إِلا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ حَتَّى قَدِمَ مَعَهُ الْمَدِينَةَ، وَتَزَوَّجَ خَالِدٌ أُمَّ تَمِيمِ ابْنَةَ الْمِنْهَالِ، وَتَرَكَهَا لِيَنْقَضِيَ طُهْرُهَا، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَكْرَهُ النِّسَاءَ فِي الْحَرْبِ وَتُعَايِرُهُ، وَقَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ إِنَّ فِي سَيْفِ خَالِدٍ رَهَقًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا حَقًّا، حَقَّ عَلَيْهِ أَنْ تُقِيدَهُ، وَأَكَثَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ- وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لا يُقِيدُ مِنْ عُمَّالِهِ وَلا وَزَعَتِهِ- فَقَالَ: هَيْهٍ يَا عُمَرُ! تَأَوَّلَ فَأَخْطَأَ، فَارْفَعْ لِسَانَكَ عَنْ خَالِدٍ وَوَدي مَالِكًا وَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>