للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتوافوا إليه في جمع عظيم، وبلغ رستم والفيرزان ذلك، وأتتهم العيون به وبما ينتظرون من الأمداد، واجتمعا على أن يبعثا مهران الهمذاني، حتى يريا من رأيهما، فخرج مهران في الخيول وأمراه بالحيرة، وبلغ المثنى الخبر وهو معسكر بمرج السباخ بين القادسية وخفان في الذين أمدوه من العرب عن خبر بشير وكنانة- وبشير يومئذ بالحيرة- فاستبطن فرات بادقلى، وأرسل إلى جرير ومن معه: إنا جاءنا أمر لم نستطع معه المقام حتى تقدموا علينا، فعجلوا اللحاق بنا، وموعدكم البويب.

وكان جرير ممدا له، وكتب إلى عصمة ومن معه، وكان ممدا له بمثل ذلك، وإلى كل قائد أظله بمثل ذلك، وقال: خذوا على الجوف، فسلكوا القادسية والجوف، وسلك المثنى وسط السواد، فطلع على النهرين ثم على الخورنق، وطلع عصمة على النجف، ومن سلك معه طريقه، وطلع جرير على الجوف ومن سلك معه طريقه، فانتهوا إلى المثنى، وهو على البويب، ومهران من وراء الفرات بإزائه، فاجتمع عسكر المسلمين على البويب مما يلي موضع الكوفة اليوم، وعليهم المثنى وهم بإزاء مهران وعسكره فقال المثنى لرجل من اهل السواد: ما يقال للرقعه للتي فيها مهران وعسكره؟ قال: بسوسيا فقال: أكدي مهران وهلك! نزل منزلا هو البسوس، وأقام بمكانه حتى كاتبه مهران: إما أن تعبروا إلينا، وإما أن نعبر إليكم، فقال المثنى: اعبروا، فعبر مهران، فنزل على شاطئ الفرات معهم في الملطاط، فقال المثنى لذلك الرجل: ما يقال لهذه الرقعة التي نزلها مهران وعسكره؟ قال: شوميا- وذلك في رمضان- فنادى في الناس: انهدوا لعدوكم، فتناهدوا، وقد كان المثنى عبى جيشه، فجعل على مجنبتيه مذعورا والنسير، وعلى المجردة عاصما، وعلى الطلائع عصمة، واصطف الفريقان، وقام المثنى فيهم خطيبا، فقال:

إنكم صوام، والصوم مرقة ومضعفة، وإني أرى من الرأي أن تفطروا ثم تقووا بالطعام على قتال عدوكم قالوا: نعم، فأفطروا، فأبصر رجلا يستوفز ويستنتل من الصف، فقال: ما بال هذا؟ قالوا: هو ممن فر من

<<  <  ج: ص:  >  >>