للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقعا، وأنا واحد من عشرة، بعثنا عمر بْن الخطاب مع هذا الوالي لنكانفه ويشهدنا أموره، فأرجع فآتيك بهم الآن، فإن رأوا في الذي عرضت مثل الذي أرى، فقد رآه أهل العسكر والأمير، وإن لم يروه رددتهم إلى مأمنهم، وكنت على رأس أمرك فقال: نعم، ودعا رجلا فساره، وقال: اذهب إلى فلان فرده إلي، فرجع إليه الرجل وقال لعمرو: انطلق فجيء بأصحابك، فخرج عمرو ورأى ألا يعود لمثلها، وعلم الرومي بأنه قد خدعه، فقال:

خدعني الرجل، هذا أدهى الخلق فبلغت عمر، فقال: غلبه عمرو، لله عمرو! وناهده عمرو، وقد عرف مأخذه وعاقبته، والتقوا ولم يجد من ذلك بدا فالتقوا بأجنادين، فاقتتلوا قتالا شديدا كقتال اليرموك، حتى كثرت القتلى بينهم.

ثم إن أرطبون انهزم في الناس فأوى إلى إيلياء، ونزل عمرو أجنادين.

ولما أتى أرطبون إيلياء أفرج له المسلمون حتى دخلها، ثم أزالهم إلى أجنادين، فانضم علقمة ومسروق ومحمد بْن عمرو وأبو أيوب إلى عمرو بأجنادين، وكتب أرطبون إلى عمرو بأنك صديقي ونظيري، أنت في قومك مثلي في قومي، والله لا تفتتح من فلسطين شيئا بعد أجنادين، فارجع ولا تغر فتلقى ما لقي الذين قبلك من الهزيمة فدعا عمرو رجلا يتكلم بالرومية، فأرسله إلى أرطبون، وأمره أن يغرب ويتنكر، وقال: استمع ما يقول حتى تخبرني به إذا رجعت إن شاء اللَّه.

وكتب إليه: جاءني كتابك وأنت نظيري ومثلي في قومك، لو أخطأتك خصلة تجاهلت فضيلتي، وقد علمت أني صاحب فتح هذه البلاد، وأستعدي عليك فلانا وفلانا وفلانا- لوزرائه- فأقرئهم كتابي، ولينظروا فيما بيني وبينك فخرج الرسول على ما أمره به حتى أتى أرطبون فدفع إليه الكتاب بمشهد من النفر، فاقترأه فضحكوا وتعجبوا، وأقبلوا على أرطبون، فقالوا: من أين علمت أنه ليس بصاحبها؟ قال: صاحبها رجل اسمه عمر ثلاثة أحرف، فرجع الرسول إلى عمرو فعرف أنه عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>