للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَفَّتْ أَعْضَادُهَا، وَتَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهَا وَحُذَيْفَةُ يَوْمَئِذٍ مَعَ سَعْدٍ.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَأَصْحَابِهِمَا، قَالُوا: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ: أَنْبِئْنِي مَا الَّذِي غَيَّرَ أَلْوَانَ الْعَرَبِ وَلُحُومَهُمْ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْعَرَبَ خَدَّدَهُمْ وَكَفَى أَلْوَانَهُمْ وُخُومَةُ الْمَدَائِنِ وَدِجْلَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْعَرَبَ لا يُوَافِقُهَا إِلا مَا وَافَقَ إِبِلَهَا مِنَ الْبُلْدَانِ، فَابْعَثْ سَلْمَانَ رَائِدًا وَحُذَيْفَةَ- وَكَانَا رَائِدَيِ الْجَيْشِ- فَلْيَرْتَادَا مَنْزِلا بَرِّيًّا بَحْرِيًّا، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِيهِ بَحْرٌ وَلا جِسْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ أَمْرِ الْجَيْشِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ أَسْنَدَهُ إِلَى رَجُلٍ، فَبَعَثَ سَعْدٌ حُذَيْفَةَ وَسَلْمَانَ، فَخَرَجَ سَلْمَانُ حَتَّى يَأْتِيَ الأَنْبَارَ، فَسَارَ فِي غَرْبَيِّ الْفُرَاتِ لا يَرْضَى شَيْئًا، حَتَّى أَتَى الْكُوفَةَ.

وَخَرَجَ حُذَيْفَةُ فِي شَرْقِيِّ الْفُرَاتِ لا يَرْضَى شَيْئًا حَتَّى أَتَى الْكُوفَةَ، وَالْكُوفَةُ عَلَى حَصْبَاءَ- وَكُلُّ رَمْلَةٍ حَمْرَاءَ يُقَالُ لَهَا سَهْلَةٌ، وَكُلُّ حَصْبَاءَ وَرَمْلٍ هَكَذَا مُخْتَلِطَيْنِ فَهُوَ كُوفَةُ- فَأَتَيَا عَلَيْهَا، وَفِيهَا دَيْرَاتٌ ثَلاثَةٌ: دَيْرُ حُرَقَةَ، وَدَيْرُ أُمِّ عَمْرٍو، وَدَيْرُ سَلسلَةَ، وَخِصَاصٌ خِلالَ ذَلِكَ، فَأَعْجَبَتْهُمَا الْبُقْعَةُ، فَنَزَلا فَصَلَّيَا، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاءِ وَمَا أَظَلَّتْ، وَرَبَّ الأَرْضِ وَمَا أَقَلَّتْ، وَالرِّيحِ وَمَا ذَرَتْ، وَالنُّجُومِ وَمَا هَوَتْ، وَالْبِحَارِ وَمَا جَرَتْ، وَالشَّيَاطِينِ وَمَا أَضَلَّتْ، وَالْخصاص وَمَا أَجنتْ، بَارِكْ لَنَا فِي هَذِهِ الْكُوفَةِ، وَاجْعَلْهُ مَنْزِلَ ثَبَاتٍ وَكَتَبَ إِلَى سَعْدٍ بِالْخَبَرِ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ: حدثنا أمية بن خالد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عبد الرحمن، قال: لَمَّا هُزِمَ النَّاسُ يَوْمَ جَلُولاءَ، رَجَعَ سَعْدٌ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَمَّارٌ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمَدَائِنِ فَاجْتَوَوْهَا، قَالَ عَمَّارٌ: هَلْ تَصْلُحُ بِهَا الإِبِلُ؟ قَالُوا: لا، إِنَّ بِهَا الْبَعُوضَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّ الْعَرَبَ لا تَصْلُحُ بِأَرْضٍ لا تَصْلُحُ بِهَا الإِبِلُ قَالَ: فَخَرَجَ عَمَّارٌ بِالنَّاسِ حَتَّى نَزَلَ الْكُوفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>