للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهما مُحْزِنًا انْتِظَارُ مُوَافَقَةِ الْحِسَابِ بِأَخْذِ حُقُوقِكُمْ كَيْفَ آخُذُهَا، وَوَضْعِهَا أَيْنَ أَضَعُهَا، وَبِالسَّيْرِ فِيكُمْ كَيْفَ أَسِيرُ! فَرَبِّي الْمُسْتَعَانُ، فَإِنَّ عُمَرَ أَصْبَحَ لا يَثِقُ بِقُوَّةٍ وَلا حِيلَةٍ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَحْمَتِهِ وَعَوْنِهِ وَتَأْيِيدِهِ.

ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ:

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَلانِي أَمْرَكُمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنْفَعَ مَا بِحَضْرَتِكُمْ لَكُمْ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعِينَنِي عَلَيْهِ، وَأَنْ يَحْرُسَنِي عِنْدَهُ، كَمَا حَرَسَنِي عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُلْهِمَنِي الْعَدْلَ فِي قَسْمِكُمْ كَالَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنِّي امْرُؤٌ مُسْلِمٌ وَعَبْدٌ ضَعِيفٌ، إِلا مَا أَعَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَنْ يُغَيِّرَ الَّذِي وُلِّيتُ مِنْ خِلافَتِكُمْ مِنْ خُلُقِي شَيْئًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّمَا الْعَظَمَةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ لِلْعِبَادِ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلا يَقُولَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ: إِنَّ عُمَرَ تَغَيَّرَ مُنْذُ وُلِّيَ أَعْقِلُ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِي وَأَتَقَدَّمُ، وَأُبَيِّنُ لَكُمْ أَمْرِي، فَأَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ ظُلِمَ مَظْلَمَةً، أَوْ عَتَبَ عَلَيْنَا فِي خُلُقٍ، فَلْيُؤْذِنِّي، فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ، وَحُرُمَاتِكُمْ وَأَعْرَاضِكُمْ، وَأَعْطُوا الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَلا يَحْمِلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا عَلَى أَنْ تَحَاكَمُوا إِلَيَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ هَوَادَةٌ، وَأَنَا حَبِيبٌ إِلَيَّ صَلاحُكُمْ، عَزِيزٌ عَلَيَّ عَتْبُكُمْ وَأَنْتُمْ أُنَاسٌ عَامَّتُكُمْ حضر فِي بِلادِ اللَّهِ، وَأَهْلُ بلد لا زَرْعَ فِيهِ وَلا ضَرْعَ إِلا مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِ.

وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَعَدَكُمْ كَرَامَةً كَثِيرَةً، وَأَنَا مَسْئُولٌ عَنْ أَمَانَتِي وَمَا أَنَا فِيهِ، وَمُطَّلِعٌ عَلَى مَا بِحَضْرَتِي بِنَفْسِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لا أَكِلُهُ إِلَى أَحَدٍ، وَلا أَسْتَطِيعُ مَا بَعُدَ مِنْهُ إِلا بِالأُمَنَاءِ وَأَهْلِ النُّصْحِ مِنْكُمْ لِلْعَامَّةِ، وَلَسْتُ أَجْعَلُ أَمَانَتِي إِلَى أَحَدٍ سِوَاهُمْ إِنْ شاء الله.

وخطب أيضا، فقال بعد ما حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ص:

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ بَعْضَ الطَّمَعِ فَقْرٌ، وَإِنَّ بَعْضَ الْيَأْسِ غِنًى، وَإِنَّكُمْ تَجْمَعُونَ مَا لا تَأْكُلُونَ، وَتَأْمَلُونَ مَا لا تُدْرِكُونَ، وَأَنْتُمْ مُؤَجَّلُونَ فِي دَارِ غَرُورٍ كُنْتُمْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>