للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَكَ، قَالَ: فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ بَعْدَ مَا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِرَارًا، ثُمَّ أَتَوْهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ لا يَصْلُحُ النَّاسُ إِلا بِإِمْرَةٍ، وَقَدْ طَالَ الأَمْرُ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ قَدِ اخْتَلَفْتُمْ إِلَيَّ وَأَتَيْتُمْ، وَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ قَوْلا إِنْ قَبِلْتُمُوهُ قَبِلْتُ أَمْرَكُمْ، وَإِلا فَلا حَاجَةَ لِي فِيهِ قَالُوا: مَا قُلْتَ مِنْ شَيْءٍ قَبِلْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَجَاءَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فقال: انى قد كُنْتُ كَارِهًا لأَمْرِكُمْ، فَأَبَيْتُمْ إِلا أَنْ أَكُونَ عَلَيْكُمْ، أَلا وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي أَمْرٌ دُونَكُمْ، إِلا أَنَّ مَفَاتِيحَ مَالِكُمْ مَعِي، أَلا وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ دِرْهَمًا دُونَكُمْ، رَضِيتُمْ؟ قَالُوا:

نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ بَايَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو بَشِيرٍ: وانا يومئذ عند منبر رسول الله ص قَائِمٌ أَسْمَعُ مَا يَقُولُ.

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه، خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى السُّوقِ، وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، فَاتَّبَعَهُ النَّاسُ وَبَهَشُوا فِي وَجْهِهِ، فَدَخَلَ حَائِطَ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، وَقَالَ لأَبِي عَمْرَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ: أَغْلِقِ الْبَابَ، فَجَاءَ النَّاسُ فَقَرَعُوا الْبَابَ، فَدَخَلُوا، فِيهِمْ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَقَالا: يَا عَلِيُّ ابْسُطْ يَدَكَ فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَنَظَرَ حَبِيبُ بْنُ ذُؤَيْبٍ إِلَى طَلْحَةَ حِينَ بَايَعَ، فَقَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْبَيْعَةِ يَدٌ شَلاءُ، لا يَتِمُّ هَذَا الأَمْرُ! وَخَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَطَاقٌ وَعِمَامَةُ خَزٍّ، وَنَعْلاهُ فِي يَدِهِ، مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ وَجَاءُوا بِسَعْدٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بَايِعْ، قَالَ: لا أُبَايِعُ حَتَّى يُبَايِعَ النَّاسُ، وَاللَّهِ مَا عَلَيْكَ مِنِّي بَأْسٌ، قَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ وَجَاءُوا بِابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: بَايِعْ، قَالَ: لا أُبَايِعُ حَتَّى يُبَايِعَ النَّاسُ، قَالَ: ائْتِنِي بِحَمِيلٍ، قَالَ:

لا أَرَى حَمِيلا، قَالَ الأَشْتَرُ: خَلِّ عَنِّي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، قَالَ عَلِيٌّ: دَعُوهُ، [أَنَا حَمِيلُهُ، إِنَّكَ- مَا عُلِمْتَ- لَسَيِّئَ الْخُلُقِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا]

<<  <  ج: ص:  >  >>