للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن جَعْفَرٍ، وَأَرْسَلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَمَّارًا بَعْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالأَشْتَرِ، فَخَفَّ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ جَمِيعُ مَنْ كَانَ نَفَرَ فِيهِ، وَلَمْ يَقْدَمْ فِيهِ الْوُجُوهُ أَتْبَاعَهُمْ فَكَانُوا خَمْسَةَ آلافٍ أَخَذَ نِصْفُهُمْ فِي الْبَرِّ وَنِصْفُهُمْ فِي الْبَحْرِ، وَخَفَّ مَنْ لَمْ يَنْفُرْ فِيهَا وَلَمْ يَعْمَلْ لَهَا وَكَانَ عَلَى طَاعَتِهِ مُلازِمًا لِلْجَمَاعَةِ فَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَكَانَ رُؤَسَاءَ الْجَمَاعَةِ: الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو وسعر بن مالك وهند بن عمرو والهيثم ابن شِهَابٍ، وَكَانَ رُؤَسَاءَ النِّفَارِ: زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَالأَشْتَرُ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، ويزيدُ بْنُ قَيْسٍ وَمَعَهُمْ أَتْبَاعُهُمْ وَأَمْثَالٌ لَهُمْ لَيْسُوا دُونَهُمْ إِلا أَنَّهُمْ لَمْ يُؤَمَّرُوا، مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ مَحْدُوجٍ الْبَكْرِيُّ، وَأَشْبَاهٌ لَهُمَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ غَيْرُهُمْ فَبَادَرُوا فِي الْوَقْعَةِ إِلا قَلِيلا، فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى ذِي قَارٍ دَعَا الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقَالَ لَهُ: الْقَ هذين الرجلين يا بن الحنظلية- وكان القعقاع من اصحاب النبي ص- فَادْعُهُمَا إِلَى الأُلْفَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَعَظِّمْ عَلِيهِمَا الْفُرْقَةَ، وَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِيمَا جَاءَكَ مِنْهُمَا مِمَّا لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ وَصَاةٌ مِنِّي؟ فَقَالَ: نَلْقَاهُمْ بِالَّذِي أَمَرْتَ بِهِ، فَإِذَا جَاءَ مِنْهُمَا أَمْرٌ لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْكَ فِيهِ رَأْيٌ اجْتَهَدْنَا الرَّأْيَ وَكَلَّمْنَاهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا نَسْمَعُ وَنَرَى أَنَّهُ يَنْبَغِي.

قَالَ: أَنْتَ لَهَا فَخَرَجَ الْقَعْقَاعُ حَتَّى قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ، مَا أَشْخَصَكِ وَمَا أَقْدَمَكِ هَذِهِ الْبَلْدَةَ؟ قَالَتْ:

أَيْ بُنَيَّ، إِصْلاحٌ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: فَابْعَثِي إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ حَتَّى تَسْمَعِي كَلامِي وَكَلامَهُمَا، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِمَا فَجَاءَا، فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ:

مَا أَشْخَصَهَا وَأَقْدَمَهَا هَذِهِ الْبِلادَ؟ فَقَالَتْ: إِصْلاحٌ بَيْنَ النَّاسِ، فَمَا تَقُولانِ أَنْتُمَا؟

أَمُتَابِعَانِ أَمْ مُخَالِفَانِ؟ قَالا: مُتَابِعَانِ، قَالَ: فَأَخْبِرَانِي مَا وجه هذا الإصلاح؟ فو الله لَئِنْ عَرَفْنَا لَنُصْلِحَنَّ، وَلَئِنْ أَنْكَرْنَاهُ لا نُصْلِحُ قَالا: قَتَلَةَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّ هَذَا إِنْ تُرِكَ كَانَ تَرْكًا لِلْقُرْآنِ، وَإِنْ عمل به كان احياء لِلْقُرْآنِ.

فَقَالَ: قَدْ قَتَلْتُمَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَنْتُمْ قَبْلَ قَتْلِهِمْ أَقْرَبُ إِلَى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمائه إِلا رَجُلا، فَغَضِبَ لَهُمْ سِتَّةُ آلافٍ، وَاعْتَزَلُوكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>