للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَاوِيَة كلامه حمدت اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وأثنيت عَلَيْهِ، ثُمَّ قلت: أَمَّا بَعْدُ، فإني عَلَى بينة من ربي وبما أنعم علي، فلن أكون ظهيرا للمجرمين، ثُمَّ قمت.

فَقَالَ مُعَاوِيَة لعمرو بن الْعَاصِ- وَكَانَ إِلَى جنبه جالسا: ليس يكلم رجل منا رجلا مِنْهُمْ فيجيب إِلَى خير مَا لَهُمْ عضبهم اللَّه بشر! مَا قلوبهم إلا كقلب رجل واحد.

قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي سُلَيْمَان بن أبي راشد الأزدي، عن عبد الرحمن ابن عبيد أبي الكنود، أن مُعَاوِيَة، بعث إِلَى علي حبيب بن مسلمة الفهري وشُرَحْبِيل بن السمط ومعن بن يَزِيدَ بن الأخنس، فدخلوا عَلَيْهِ وأنا عنده، فَحَمِدَ اللَّهَ حبيب وأثنى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإن عُثْمَان بن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ خليفة مهديا، يعمل بكتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وينيب إِلَى أمر اللَّه تعالى، فاستثقلتم حياته، واستبطأتم وفاته، فعدوتم عليه فقتلتموه، فادفع إلينا قتلة عُثْمَان- إن زعمت أنك لم تقتله- نقتلهم بِهِ، ثُمَّ اعتزل أمر الناس فيكون أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ، يولي الناس أمرهم من أجمع عَلَيْهِ رأيهم.

[فَقَالَ لَهُ عَلِيّ بن أبي طالب: وما أنت لا أم لك والعزل وهذا الأمر! اسكت فإنك لست هُنَاكَ وَلا بأهل لَهُ! فقام وَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ لتريني بحيث تكره فَقَالَ علي: وما أنت ولو أجلبت بخيلك ورجلك! لا أبقى اللَّه عَلَيْك إن أبقيت علي، أحقرة وسوءا! اذهب فصوب وصعد مَا بدا لك] .

[وَقَالَ شُرَحْبِيل بن السمط: إني إن كلمتك فلعمري مَا كلامي إلا مثل كلام صاحبي قبل، فهل عندك جواب غير الَّذِي أجبته بِهِ؟ فَقَالَ علي:

نعم لك ولصاحبك جواب غير الَّذِي أجبته بِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ، فإن اللَّه جل ثناؤه بعث محمدا ص بالحق، فأنقذ بِهِ من الضلالة، وانتاش بِهِ من الهلكة، وجمع بِهِ من الفرقة، ثُمَّ قبضه اللَّه إِلَيْهِ وَقَدْ أدى مَا عَلَيْهِ ص، ثُمَّ استخلف الناس أبا بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>