للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاث مرات، ثُمَّ خلاه، وكتب إِلَى مُعَاوِيَةَ: إني عذبته، فلم أصب عنده شَيْئًا، فحفظ لزياد يده عنده.

حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالُوا: دَخَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ حِينَ نَظَرَ إِلَيْهِ.

إِنَّمَا مَوْضِعُ سِرِّ الْمَرْءِ إِنْ ... بَاحَ بِالسِّرِّ أَخُوهُ لَمُنْتَصِحْ

فَإِذَا بُحْتَ بِسِرٍّ فَإِلَى ... نَاصِحٍ يَسْتُرْهُ أَوْ لا تَبُحْ

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ تَسْتَوْدِعْنِي تَسْتَوْدِعْ نَاصِحًا شَفِيقًا وَرِعًا وَثِيقًا، فَمَا ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ذَكَرْتُ زِيَادًا وَاعْتِصَامَهُ بِأَرْضِ فَارِسٍ، وَامْتِنَاعَهُ بِهَا، فَلَمْ أَنَمْ لَيْلَتِي، فَأَرَادَ الْمُغِيرَةُ أَنْ يُطَأْطِئَ مِنْ زِيَادٍ، فَقَالَ: مَا زِيَادٌ هُنَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ معاويه: بئس الوطء الْعَجْزَ، دَاهِيَةُ الْعَرَبِ مَعَهُ الأَمْوَالُ، مُتَحَصِّنٌ بِقِلاعِ فَارِسَ، يُدْبِرُ وَيُرَبِّصُ الْحِيَلَ، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يُبَايِعَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أَعَادَ عَلَيَّ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ.

فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَتَأْذَنُ لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي اتيانه؟ قال: نعم، فاته وتلطف لَهُ، فَأَتَى الْمُغِيرَةُ زِيَادًا، فَقَالَ زِيَادٌ حِينَ بَلَغَهُ قُدُومُ الْمُغِيرَةَ: مَا قَدِمَ إِلا لأَمْرٍ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَهْوٍ لَهُ مُسْتَقْبِلٌ الشَّمْسَ، فَقَالَ زِيَادٌ:

أَفْلَحَ رَائِدٌ! فَقَالَ: إِلَيْكَ يَنْتَهِي الْخَبَرُ أَبَا الْمُغِيرَةِ، إِنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَخَفَّهُ الْوَجَلُ حَتَّى بَعَثَنِي إِلَيْكَ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَحَدًا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى هَذَا الأَمْرِ غَيْرَ الْحَسَنِ، وَقَدْ بَايَعَ مُعَاوِيَةَ، فخذ لنفسك قبل التوطين، فيستغنى عنك معاويه، قَالَ:

أَشِرْ عَلَيَّ، وَارْمِ الْغَرَضَ الأَقْصَى، وَدَعْ عَنْكَ الْفُضُولَ، فَإِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: فِي مَحْضِ الرَّأْيِ بَشَاعَةٌ، وَلا خَيْرَ فِي الْمَذِيقِ، أَرَى أَنْ تَصِلَ حَبْلَكَ بِحَبْلِهِ، وَتَشْخَصَ إِلَيْهِ، قَالَ: أَرَى وَيَقْضِي اللَّهُ.

حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>