للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللُّبُودُ، وَآنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ فَغَزَاهُمْ حَتَّى تَوَسَّطُوا، فَأَخَذُوا بِالشِّعَابِ وَالطُّرُقِ، فَأَحْدَقُوا بِهِ، فَعَيَّ بِالأَمْرِ، فَوَلَّى الْمُهَلَّبَ الْحَرْبَ، فَلَمْ يَزَلِ الْمُهَلَّبُ يَحْتَالُ حَتَّى أَخَذَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَقَالَ لَهُ: اخْتَرْ بَيْنَ أَنْ أَقْتُلَكَ، وَبَيْنَ أَنْ تُخْرِجَنَا مِنْ هَذَا الْمَضِيقِ، فَقَالَ لَهُ: أَوْقِدِ النَّارَ حِيَالَ الطَّرِيقِ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ، وَمُرْ بِالأَثْقَالِ فَلْتُوَجَّهْ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّكُمْ قَدْ دَخَلْتُمُ الطَّرِيقَ لِتَسْلُكُوهُ فَإِنَّهُمْ يَسْتَجْمِعُونَ لَكُمْ، وَيَعِرُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الطُّرُقِ، فَبَادِرْهُمْ إِلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لا يُدْرِكُونَكَ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَنَجَا وَغَنِمُوا غَنِيمَةً عَظِيمَةً.

حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: لما قفل الحكم بن عَمْرو من غزوة جبل الأشل ولي المهلب ساقته، فسلكوا فِي شعاب ضيقة، فعارضه الترك فأخذوا عَلَيْهِم بالطرق، فوجدوا فِي بعض تِلَكَ الشعاب رجلا يتغنى من وراء حائط ببيتين:

تعز بصبر لا وجدك لا ترى ... سنام الحمى أخرى الليالي الغوابر

كأن فؤادي من تذكري الحمى ... وأهل الحمى يهفو بِهِ ريش طائر

فأتى بِهِ الحكم، فسأله عن أمره، فَقَالَ: غايرت ابن عم لي، فخرجت ترفعني أرض وتخفضني أخرى، حَتَّى هبطت هَذِهِ البلاد فحمله الحكم إِلَى زياد بِالْعِرَاقِ.

قَالَ: وتخلص الحكم من وجهه حَتَّى أتى هراة، ثُمَّ رجع إِلَى مرو.

حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ قَبِيصَةَ، قَالَ: حدثنا غالب ابن سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُبْحٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ زِيَادٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَكَ لأَقْطَعَنَّ مِنْكَ طَابَقًا سُحْتًا، وَذَلِكَ أَنَّ زِيَادًا كَتَبَ إِلَيْهِ لِمَا وَرَدَ بِالْخَبَرِ عَلَيْهِ بِمَا غَنِمَ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَالرَّوَائِعَ فَلا تُحَرِّكَنَّ شَيْئًا حَتَّى تُخْرِجَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>