للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأستمكر مِنْهُ فأثب عَلَيْهِ، مع أني قَدْ ضيقت عَلَيْهِ، ومنعته من أشياء كثيرة لو تركته وإياها مَا كَانَتْ لَهُ إلا معونة، وجعلت عَلَى مكة وطرقها وشعابها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حَتَّى يكتبوا إلي باسمه واسم أَبِيهِ، ومن أي بلاد اللَّه هُوَ، وما جَاءَ بِهِ وما يريد، فإن كَانَ من أَصْحَابه أو ممن أَرَى أنه يريده رددته صاغرا، وإن كَانَ ممن لا أتهم، خليت سبيله وَقَدْ بعثت الْوَلِيد، وسيأتيك من عمله وأثره مَا لعلك تعرف بِهِ فضل مبالغتي فِي أمرك، ومناصحتي لك إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاللَّهِ يصنع لك، ويكبت عدوك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ لَهُ يَزِيد: أنت أصدق ممن رقى هَذِهِ الأشياء عنك، وحملني بِهَا عَلَيْك، وأنت ممن أثق بِهِ، وأرجو معونته، وأدخره لرأب الصدع، وكفاية المهم، وكشف نوازل الأمور العظام، فَقَالَ لَهُ عَمْرو: وما أَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أن أحدا أولى بالقيام بتشديد سلطانك، وتوهين عدوك، والشدة عَلَى من نابذك مني وأقام الْوَلِيد بن عتبة يريد ابن الزُّبَيْر فلا يجده إلا متحذرا متمنعا، وثار نجدة بن عَامِر الحنفي باليمامة حين قتل الْحُسَيْن ٤، وثار ابن الزُّبَيْر، فكان الْوَلِيد يفيض من المعرف، وتفيض مَعَهُ عامة الناس، وابن الزُّبَيْر واقف وأَصْحَابه، ونجدة واقف فِي أَصْحَابه، ثُمَّ يفيض ابن الزُّبَيْر بأَصْحَابه ونجدة بأَصْحَابه، لا يفيض واحد مِنْهُمْ بإفاضة صاحبه.

وَكَانَ نجدة يلقى ابن الزُّبَيْر فيكثر حَتَّى ظن الناس أنه سيبايعه ثُمَّ إن ابن الزُّبَيْر عمل بالمكر فِي أمر الْوَلِيد بن عتبة، فكتب إِلَى يَزِيد بن مُعَاوِيَة:

إنك بعثت إلينا رجلا أخرق، لا يتجه لأمر رشد، وَلا يرعوي لعظة الحكيم، ولو بعثت إلينا رجلا سهل الخلق، لين الكتف، رجوت أن يسهل من الأمور مَا استوعر منها، وأن يجتمع مَا تفرق، فانظر فِي ذَلِكَ، فإن فِيهِ صلاح خواصنا وعوامنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، والسلام.

فبعث يَزِيد بن مُعَاوِيَة إِلَى الْوَلِيدِ فعزله وبعث عُثْمَان بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ- فِيمَا ذكر أَبُو مخنف، عَنْ عبد الملك ابن نوفل بن مساحق، عن حميد ابن حمزة، مولى لبني أُمَيَّة- قَالَ: فقدم فتى غر حدث غمر لم يجرب

<<  <  ج: ص:  >  >>