للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا: يَا جَارِيَةُ، هَلْ مِنْ مَنْزِلٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَمَكَانَكُمْ لا تَدْخُلُوا حَتَّى آتِيكُمْ، فَرَقَّتْ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهَا، فَأَتَتْ أَبَاهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَرَادَكَ فِتْيَانٌ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، مَا رَأَيْتُ وُجُوهَ قَوْمٍ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهُمْ، لا يَأْخُذُهُمْ قَوْمُكَ فَيَفْضَحُوهُمْ- وَقَدْ كَانَ قَوْمُهُ نَهَوْهُ أَنْ يُضَيِّفَ رَجُلا- فَقَالُوا لَهُ: خَلِّ عَنَّا فَلْنُضِفِ الرِّجَالَ، فَجَاءَ بِهِمْ فَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ إِلا أَهْلَ بَيْتِ لُوطٍ، فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ فَأَخْبَرَتْ قَوْمَهَا فَقَالَتْ: إِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ رِجَالا مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُمْ وَمِثْلَ وُجُوهِهِمْ حُسْنًا قَطُّ، فجاءه قومه يهرعون اليه.

قال ابو جعفر: فَلَمَّا أَتَوْهُ قَالَ لَهُمْ لُوطٌ: يَا قَوْمِ اتقوا الله «وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ» ، هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ مِمَّا تُرِيدُونَ.

فَقَالُوا لَهُ: أَوَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُضَيِّفَ الرِّجَالَ! لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ! فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا عَرَضَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ:

«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ» يقول ع:

لَوْ أَنَّ لِي أَنْصَارًا يَنْصُرُونَنِي عَلَيْكُمْ أَوْ عَشِيرَةً تَمْنَعُنِي مِنْكُمْ، لَحُلْتُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَا جِئْتُمْ تُرِيدُونَهُ مِنْ أَضْيَافِي! حَدَّثَنِي المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا إسماعيل ابن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبا يقول:

قال لوط لهم: «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ» ، فوجد عليه الرسل وقالوا: إن ركنك لشديد فلما يئس لوط من إجابتهم إياه إلى شيء مما دعاهم إليه وضاق بهم ذرعا، قالت الرسل له حينئذ: «يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>