للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البغي والحسد، فسأل الله أن يسلطه عليه ليفتنه عن دينه، فسلطه الله على ماله دون جسده وعقله، وجمع إبليس عفاريت الشياطين وعظماءهم، وكان لأيوب البثنية من الشام كلها بما فيها بين شرقها وغربها، وكان بها الف شاه برعاتها، وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ومال، ويحمل آلة كل فدان أتان، لكل أتان ولد، بين اثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وفوق ذلك فلما جمعهم إبليس، قال: ماذا عندكم من القوة والمعرفة؟ فإني قد سلطت على مال أيوب، فهي المصيبة الفادحة والفتنة التي لا يصبر عليها الرجال فقال كل من عنده قوه على اهلاك شيء ما عنده فأرسلهم فأهلكوا ماله كله، وأيوب في كل ذلك يحمد الله ولا يثنيه شيء أصيب به من ماله عن الجد في عبادة الله تعالى والشكر له على ما أعطاه، والصبر على ما ابتلاه به فلما رأى ذلك من أمره إبليس لعنه الله سال الله تعالى ان يسلطه على ولده، فسلطه عليهم، ولم يجعل له سلطانا على جسده وقلبه وعقله، فأهلك ولده كلهم، ثم جاء إليه متمثلا بمعلمهم الذي كان يعلمهم الحكمة جريحا مشدوخا يرققه حتى رق أيوب فبكى، فقبض قبضة من تراب فوضعها على رأسه، فسر بذلك إبليس، واغتنمه من أيوب ع.

ثم إن أيوب تاب واستغفر، فصعدت قرناؤه من الملائكة بتوبته فبدروا إبليس إلى الله عز وجل فلما لم يثن أيوب ع ما حل به من المصيبة في ماله وولده عن عبادة ربه، والجد في طاعته، والصبر على ما ناله، سأل الله عز وجل إبليس أن يسلطه على جسده، فسلطه على جسده خلا لسانه وقلبه وعقله، فإنه لم يجعل له على ذلك منه سلطانا، فجاءه وهو ساجد، فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جسده، فصار من جملة أمره إلى أن أنتن

<<  <  ج: ص:  >  >>