للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى نزل قناطر حذيفة بن اليمان، فكتب ماذرواسب عظيم بابل مهروذ إلى الحجاج:

أما بعد: فإني أخبر الأمير أصلحه الله أن شبيبا قد أقبل حتى نزل قناطر حذيفة، ولا أدري أين يريد! فلما قرأ الحجاج كتابه قام فِي الناس فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا الناس، والله لتقاتلن عن بلادكم وعن فيئكم أو لأبعثن إلى قوم هم أطوع وأسمع وأصبر على اللأواء والغيظ منكم، فيقاتلون عدوكم، ويأكلون فيئكم فقام إليه الناس من كل جانب، فقالوا: نحن نقاتلهم ونعتب الأمير، فليندبنا الأمير إليهم فإنا حيث سره وقام إليه زهرة بن حوية وهو شيخ كبير لا يستتم قائما حتى يؤخذ بيده فقال له: أصلح الله الأمير! إنك إنما تبعث إليهم الناس متقطعين، فاستنفر الناس إليهم كافة فلينفروا إليهم كافة، وابعث عليهم رجلا ثبتا شجاعا مجربا للحرب ممن يرى الفرار هضما وعارا والصبر مجدا وكرما فقال الحجاج: فأنت ذاك فاخرج، فقال: أصلح الله الأمير! إنما يصلح للناس في هذا رجل يحمل الرمح والدرع، ويهز السيف، ويثبت على متن الفرس، وأنا لا أطيق من هذا شيئا، وقد ضعف بصري وضعفت، ولكن أخرجني في الناس مع الأمير، فإني إنما أثبت على الراحلة فأكون مع الأمير في عسكره وأشير عليه برأيي فقال له الحجاج: جزاك الله عن الإسلام وأهله في أول الإسلام خيرا، وجزاك الله عن الإسلام في آخر الإسلام خيرا، فقد نصحت وصدقت، أنا مخرج الناس كافة ألا فسيروا أيها الناس فانصرف الناس فجعلوا يسيرون وليس يدرون من أميرهم! وكتب الحجاج إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.

أَمَّا بَعْدُ، فإني أخبر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أكرمه الله أن شبيبا قد شارف المدائن وإنما يريد الكوفة، وقد عجز أهل الكوفة عن قتاله في مواطن كثيرة، في

<<  <  ج: ص:  >  >>