للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ميسرة سفيان، وقعنب وهو في ميسرته على ميمنته حمل هو على سفيان، فاضطربنا طويلا من النهار، حتى انحازوا فرجعوا إلى المكان الذي كانوا فيه، فكر علينا هو وأصحابه أكثر من ثلاثين كرة، كل ذلك لا نزول من صفنا وقال لنا سفيان بن الأبرد: لا تتفرقوا، ولكن لتزحف الرجال اليهم زحفا، فو الله ما زلنا نطاعنهم ونضاربهم حتى اضطررناهم إلى الجسر، فلما انتهى شبيب إلى الجسر نزل ونزل معه نحو من مائة رجل، فقاتلناهم حتى المساء أشد قتال قاتله قوم قط، فما هو إلا أن نزلوا فأوقعوا لنا من الطعن والضرب شيئا ما رأينا مثله من قوم قط فلما رأى سفيان أنه لا يقدر عليهم، ولا يأمن مع ذلك ظفرهم، دعا الرماة فقال:

ارشقوهم بالنبل، وذلك عند المساء، وكان التقاؤهم نصف النهار، فرماهم أصحاب النبل بالنبل، عند المساء، وقد صفهم سفيان بن الأبرد على حدة، وبعث على المرامية رجلا، فلما رشقوهم بالنبل ساعة شدوا عليهم، فلما شدوا على رماتنا شددنا عليهم، فشغلناهم عنهم، فلما رموا بالنبل ساعة ركب شبيب وأصحابه ثم كروا على أصحاب النبل كرة صرع منهم أكثر من ثلاثين رجلا، ثم عطف بخيله علينا، فمشى عامدا نحونا، فطاعناه حتى اختلط الظلام، ثم انصرف عنا، فقال سفيان لأصحابه:

أيها الناس، دعوهم لا تتبعوهم حتى نصبحهم غدوة قال: فكففنا عنهم وليس شيء أحب إلينا من أن ينصرفوا عنا.

قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط، قال: فما هو إلا أن انتهينا إلى الجسر، فقال: اعبروا معاشر المسلمين، فإذا أصبحنا باكرناهم إن شاء الله، فعبرنا أمامه، وتخلف في أخرانا، فأقبل على فرسه، وكانت بين يديه فرس أنثى ماذيانة، فنزا فرسه عليها وهو على الجسر فاضطربت الماذيانة، ونزل حافر رجل فرس شبيب على حرف السفينة، فسقط في الماء، فلما سقط قال: «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا*» فارتمس في الماء، ثم ارتفع فقال: «ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ*»

<<  <  ج: ص:  >  >>