للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فو الله ما أعلم قوما على بسيط الأرض أعمل بظلم، ولا أجور منهم في الحكم، فليكن بهم البدار.

وقال سعيد بن جبير: قاتلوهم ولا تأثموا من قتالهم بنية ويقين، وعلى آثامهم قاتلوهم على جورهم في الحكم، وتجبرهم في الدين، واستذلالهم الضعفاء، وإماتتهم الصلاة.

قال أبو مخنف، قال أبو الزبير: فتهيأنا للحملة عليهم، فقال لنا جبلة: إذا حملتم عليهم فاحملوا حملة صادقة، ولا تردوا وجوهكم عنهم حتى تواقعوا صفهم قال: فحملنا عليهم حملة بجد منا في قتالهم، وقوة منا عليهم، فضربنا الكتائب الثلاث حتى اشتفرت، ثم مضينا حتى واقعنا صفهم فضربناهم حتى أزلناهم عنه، ثم انصرفنا فمررنا بجبلة صريعا لا ندري كيف قتل.

قال: فهدنا ذلك وجبنا فوقفنا موقفنا الذي كنا به، وإن قراءنا لمتوافرون، ونحن نتناعى جبلة بن زحر بيننا، كأنما فقد به كل واحد منا أباه أو أخاه، بل هو في ذلك الموطن كان أشد علينا فقدا فقال لنا أبو البختري الطائي: لا يستبينن فيكم قتل جبلة بن زحر، فإنما كان كرجل منكم أتته منيته ليومها، فلم يكن ليتقدم يومه ولا ليتأخر عنه، وكلكم ذائق ما ذاق، ومدعو فمجيب قال: فنظرت إلى وجوه القراء فإذا الكآبة على وجوههم بينة، وإذا ألسنتهم منقطعة، وإذا الفشل فيهم قد ظهر، وإذا أهل الشام قد سروا وجذلوا، فنادوا: يا أعداء الله، قد هلكتم، وقد قتل الله طاغوتكم.

قال أبو مخنف: فحدثني أبو يزيد السكسكي أن جبلة حين حمل هو وأصحابه علينا انكشفنا، وتبعونا، وافترقت منا فرقة فكانت ناحية، فنظرنا فإذا أصحابه يتبعون أصحابنا، وقد وقف لأصحابه ليرجعوا إليه على

<<  <  ج: ص:  >  >>