للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفرق جندك، وأعلمته أنها فرصة له، وسألته المدد، غير أنك أمعرت البلاد، وأصبت الغنائم، فإن لقيك على هذه الحال ظفر بك، وعادتني العرب أبدا ما بقيت واستطال علي خاقان واشتدت مؤونته، وامتن علي بقوله: أخرجت العرب من بلادك، ورددت عليك ملكك، فعرف أسد أنه قد صدقه، فأمر بالأثقال أن تقدم، وولى عليها إبراهيم بْن عاصم العقيلي الجزري، الذي كان ولي سجستان بعد، وأخرج معه المشيخة، فيهم كثير ابن أمية، أبو سليمان بْن كثير الخزاعي وفضيل بْن حيان المهري وسنان بْن داود القطعي، وكان على أهل العالية سنان الأعرابي السلمي، وعلى الاقباض عثمان ابن شباب الهمذاني، جد قاضي مرو، فسارت الأثقال، فكتب أسد إلى داود بْن شعيب والأصبغ بن ذؤاله الكلبي- وقد كان وجههما في وجه: إن خاقان قد أقبل، فانضما إلى الأثقال، إلى إبراهيم بْن عاصم.

قَالَ: ووقع إلى داود والأصبغ رجل دبوسي، فأشاع أن خاقان قد كسر المسلمين، وقتل أسدا.

وقال الأصبغ: إن كان أسد ومن معه أصيبوا فإن فينا هشاما ننحاز إليه، فقال داود بْن شعيب: قبح الله الحياة بعد أهل خراسان! فقال الأصبغ: حبذا الحياة بعد أهل خراسان! قتل الجراح ومن معه فما ضر المسلمين كثير ضر، فإن هلك أسد وأهل خراسان فلن يخذل الله دينه، وإن الله حي قيوم، وأمير المؤمنين حي وجنود المسلمين كثير فقال داود:

أفلا ننظر ما فعل أسد فنخرج على علم! فسارا حتى شارفا عسكر إبراهيم فإذا هما بالنيران، فقال داود: هذه نيران المسلمين أراها متقاربة ونيران الأتراك متفرقة، فقال الأصبغ: هم في مضيق ودنوا فسمعوا نهيق الحمير، فقال داود: أما علمت أن الترك ليس لهم حمير! فقال الأصبغ: أصابوها بالأمس، ولم يستطيعوا أكلها في يوم ولا اثنين، فقال داود: نسرح فارسين فيكبران، فبعثا فارسين، فلما دنوا من العسكر كبرا، فأجابهما العسكر

<<  <  ج: ص:  >  >>