للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلا، وأصبح مروان فأتبعهم، ليس يرحلون عن منزل إلا نزله، حتى انتهوا إلى مدينة الموصل، فعسكروا على شاطئ دجلة، وخندقوا على أنفسهم، وعقدوا جسورا على دجلة من عسكرهم إلى المدينة، فكانت ميرتهم ومرافقهم منها، وخندق مروان بإزائهم، فأقام ستة أشهر يقاتلهم بكرة وعشية.

قَالَ: وأتي مروان بابن أخ لسليمان بْن هشام، يقال له أمية بْن معاوية بْن هشام، وكان مع عمه سليمان بْن هشام في عسكر شيبان بالموصل، فهو مبارز رجلا من فرسان مروان، فأسره الرجل فأتي به أسيرا، فقال له: أنشدك الله والرحم يا عم! فقال: ما بيني وبينك اليوم من رحم، فأمر به- وعمه سليمان وإخوته ينظرون- فقطعت يداه وضربت عنقه.

قَالَ: وكتب مروان إلى يزيد بْن عمر بْن هبيرة يأمره بالمسير من قرقيسيا بجميع من معه إلى عبيدة بْن سوار خليفة الضحاك بالعراق، فلقي خيوله بعين التمر، فقاتلهم فهزمهم، وعليهم يومئذ المثنى بْن عمران من عائذة قريش والحسن بْن يزيد، ثم تجمعوا له بالكوفة بالنخيلة، فهزمهم، ثم اجتمعوا بالصراة ومعهم عبيدة، فقاتلهم فقتل عبيدة، وهزم أصحابه، واستباح ابن هبيرة عسكرهم، فلم يكن لهم بقية بالعراق، واستولى ابن هبيرة عليها، وكتب إليه مروان بْن محمد من الخنادق يأمره أن يمده بعامر بْن ضبارة المري، فوجهه في نحو من ستة آلاف أو ثمانية، وبلغ شيبان خبرهم ومن معه من الحرورية، فوجهوا إليه قائدين في أربعة آلاف، يقال لهما ابن غوث والجون، فلقوا ابن ضبارة بالسن دون الموصل، فقاتلوه قتالا شديدا، فهزمهم ابن ضبارة، فلما قدم فلهم أشار عليهم سليمان بالارتحال عن الموصل، واعلمهم انه لا مقام لهم إذ جاءهم ابن ضبارة من خلفهم، وركبهم مروان من بين أيديهم، فارتحلوا فأخذوا على حلوان إلى الأهواز وفارس، ووجه مروان إلى ابن ضبارة ثلاثة نفر من قواده في ثلاثين ألفا من روابطه، أحدهم مصعب بْن الصحصح الأسدي وشقيق وعطيف السليماني، وشقيق الذي يقول فيه الخوارج:

قد علمت أختاك يا شقيق ... أنك من سكرك ما تفيق

وكتب إليه يأمره أن يتبعهم، ولا يقلع عنهم حتى يبيرهم ويستأصلهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>