للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عبد الله بْن بدر وزهير بْن هنيد وبشر بْن عيسى وأبي السري أن ابن هبيرة لما انهزم تفرق الناس عنه، وخلف على الأثقال قوما، فذهبوا بتلك الأموال فقال له حوثرة: أين تذهب وقد قتل صاحبهم! امض إلى الكوفة ومعك جند كثير، فقاتلهم حتى تقتل أو تظفر، قَالَ: بل نأتي واسطا فننظر، قَالَ:

ما تزيد على أن تمكنه من نفسك وتقتل، فقال له يحيى بْن حضين: إنك لا تأتي مروان بشيء أحب إليه من هذه الجنود، فالزم الفرات حتى تقدم عليه، وإياك وواسطا، فتصير في حصار، وليس بعد الحصار إلا القتل.

فأبى وكان يخاف مروان لأنه كان يكتب إليه في الأمر فيخالفه، فخافه إن قدم عليه أن يقتله، فأتى واسطا فدخلها، وتحصن بها.

وسرح أبو سلمة الحسن بْن قحطبة، فخندق الحسن واصحابه، فنزلوا فيما بين الزاب ودجلة، وضرب الحسن سرادقه حيال باب المضمار، فأول وقعة كانت بينهم يوم الأربعاء، فقال أهل الشام لابن هبيرة: ائذن لنا في قتالهم، فأذن لهم، فخرجوا وخرج ابن هبيرة، وعلى ميمنته ابنه داود، ومعه محمد بْن نباتة في ناس من أهل خراسان، فيهم أبو العود الخراساني، فالتقوا وعلى ميمنته الحسن خازم بْن خزيمة، وابن هبيرة قبالة باب المضمار، فحمل خازم على ابن هبيرة، فهزموا أهل الشام حتى ألجئوهم إلى الخنادق، وبادر الناس باب المدينة حتى غص باب المضمار، ورمى أصحاب العرادات بالعرادات والحسن واقف وأقبل يسير في الخيل فيما بين النهر والخندق، ورجع أهل الشام، فكر عليهم الحسن، فحالوا بينه وبين المدينة، فاضطروهم الى دجلة، فغرق منهم ناس كثير، فتلقوه هم بالسفن، فحملوهم، وألقى ابن نباتة يومئذ سلاحه واقتحم، فتبعوه بسفينة فركب وتحاجزوا، فمكثوا سبعة أيام، ثم خرجوا إليهم يوم الثلاثاء فاقتتلوا، فحمل رجل من أهل الشام على أبي حفص هزار مرد، فضربه وانتمى: أنا الغلام السلمي، وضربه أبو حفص وانتمى: أنا الغلام العتكي، فصرعه، وانهزم أهل الشام هزيمة قبيحة، فدخلوا المدينة، فمكثوا ما شاء الله لا يقتتلون إلا رميا من وراء الفصيل

<<  <  ج: ص:  >  >>