للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب بذلك إليه، فأجابه: أن الترك قد جاشت، وإن فرقت الجنود ذهبت خراسان، فألقى الكتاب إلى أبي أيوب، وقال له: ما ترى؟ قَالَ: قد أمكنك من قياده، اكتب إليه: أن خراسان أهم إلي من غيرها، وأنا موجه إليك الجنود من قبلي ثم وجه إليه الجنود ليكونوا بخراسان، فإن هم بخلع أخذوا بعنقه.

فلما ورد على عبد الجبار الكتاب كتب إليه: أن خراسان لم تكن قط أسوأ حالا منها في هذا العام، وإن دخلها الجنود هلكوا لضيق ما هم فيه من غلاء السعر فلما أتاه الكتاب ألقاه إلى أبي أيوب، فقال له: قد أبدى صفحته، وقد خلع فلا تناظره.

فوجه إليه محمد بْن المنصور، وأمره بنزول الري، فسار إليها المهدي، ووجه لحربه خازم بْن خزيمة مقدمة له، ثم شخص المهدي فنزل نيسابور، ولما توجه خازم بْن خزيمة الى عبد الجبار، وبلغ ذلك اهل مروالروذ، ساروا إلى عبد الجبار من ناحيتهم فناصبوه الحرب، وقاتلوه قتالا شديدا حتى هزم، فانطلق هاربا حتى لجأ إلى مقطنة، فتوارى فيها، فعبر إليه المجشر بْن مزاحم من أهل مرو الروذ، فأخذه أسيرا، فلما قدم خازم أتاه به، فألبسه خازم مدرعة صوف، وحمله على بعير، وجعل وجهه من قبل عجز البعير، حتى انتهى به إلى المنصور ومعه ولده وأصحابه، فبسط عليهم العذاب، وضربوا بالسياط حتى استخرج منهم ما قدر عليه من الأموال ثم أمر المسيب بْن زهير بقطع يدي عبد الجبار ورجليه وضرب عنقه، ففعل ذلك المسيب، وأمر المنصور بتسيير ولده إلى دهلك- وهي جزيرة على ضفة البحر بناحية اليمن- فلم يزالوا بها حتى أغار عليهم الهند، فسبوهم فيمن سبوا حتى فودوا بعد، ونجا منهم من نجا، فكان ممن نجا منهم واكتتب في الديوان وصحب الخلفاء عبد الرحمن بْن عبد الجبار، وبقي إلى أن توفي بمصر في خلافة هارون، في سنة سبعين ومائة.

وفي هذه السنة فرغ من بناء المصيصة على يدي جبرئيل بْن يحيى الخراسانى،

<<  <  ج: ص:  >  >>