للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على طاهر، ففرق محمد فيمن صار إليه من أصحاب طاهر مالا عظيما، وقود رجالا، وغلف لحاهم بالغالية، فسموا بذلك قواد الغالية.

ذكر الخبر عن سبب ذلك وإلى ما آل إليه الأمر فيه:

ذكر عن يزيد بْن الحارث، قَالَ: أقام طاهر على نهر صرصر لما صار إليها، وشمر في محاربة محمد وأهل بغداد، فكان لا يأتيه جيش إلا هزمه، فاشتد على أصحابه ما كان محمد يعطي من الأموال والكسا، فخرج من عسكره نحو من خمسة آلاف رجل من أهل خراسان ومن التف إليهم، فسر بهم محمد، ووعدهم ومناهم، وأثبت أسماءهم في الثمانين قَالَ: فمكثوا بذلك أشهرا، وقود جماعة من الحربية وغيرهم ممن تعرض لذلك وطلبه، وعقد لهم، ووجههم إلى دسكرة الملك والنهروان، ووجه إليهم حبيب بْن جهم النمري الأعرابي في أصحابه، فلم يكن بينهم كثير قتال، وندب محمد قوادا من قواد بغداد، فوجههم الى الياسرية والكوثرية والسفينتين، وحمل إليهم الأطعمة، وقواهم بالأرزاق، وصيرهم ردءا لمن خلفهم، وفرق الجواسيس في أصحاب طاهر، ودس إلى رؤساء الجند الكتب بالأطماع والترغيب، فشغبوا على طاهر، واستأمن كثير منهم إلى محمد، ومع كل عشرة أنفس منهم طبل، فارعدوا وابرقوا واجلبوا، ودنوا حتى أشرفوا على نهر صرصر، فعبى طاهر أصحابه كراديس، ثم جعل يمر على كل كردوس منهم، فيقول: لا يغرنكم كثرة من ترون، ولا يمنعكم استئمان من استأمن منهم، فإن النصر مع الصدق والثبات، والفتح مع الصبر، ورب فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ثم أمرهم بالتقدم، فتقدموا واضطربوا بالسيوف مليا ثم إن الله ضرب أكتاف أهل بغداد فولوا منهزمين، وأخلوا موضع عسكرهم، فانتهب أصحاب طاهر كل ما كان فيه من سلاح ومال وبلغ الخبر محمدا، فأمر بالعطاء فوضع، وأخرج خزائنه وذخائره، وفرق الصلات وجمع أهل الأرباض، واعترض الناس على عينه، فكان لا يرى أحدا وسيما حسن الرواء إلا خلع عليه وقوده، وكان لا يقود أحدا إلا غلفت لحيته بالغالية، وهم الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>