للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فراهمرد الموكل بقصري صالح وسليمان بْن أبي جعفر من قبل محمد، كتب إلى طاهر يسأله الأمان، ويضمن له أن يدفع ما في يده من تلك الأموال ومن الناحية إلى الجسور وما فيها من المجانيق والعرادات إليه، وأنه قبل ذلك منه، وأجابه إلى ما سأل، ووجه إليه أبا العباس يوسف بْن يعقوب الباذغيسي صاحب شرطه فيمن ضم إليه من قواده وذوي البأس من فرسانه ليلا، فسلم إليه كل ما كان محمد وكله به من ذلك ليلة السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائة واستأمن إليه محمد بْن عيسى صاحب شرطه محمد، وكان يقاتل مع الأفارقة وأهل السجون والأوباش، وكان محمد بْن عيسى غير مداهن في أمر محمد، وكان مهيبا في الحرب، فلما استأمن هذان إلى طاهر، أشفى محمد على الهلاك، ودخله من ذلك ما أقامه وأقعده حتى استسلم، وصار على باب أم جعفر يتوقع ما يكون، وأقبلت الغواة من العيارين وباعة الطرق والأجناد، فاقتتلوا داخل قصر صالح وخارجه إلى ارتفاع النهار قَالَ: فقتل في داخل القصر أبو العباس يوسف بْن يعقوب الباذغيسي ومن كان معه من القواد والرؤساء المعدودين، وقاتل فراهمرد وأصحابه خارجا من القصر حتى فل وانحاز إلى طاهر، ولم تكن وقعة قبلها ولا بعدها أشد على طاهر وأصحابه منها، ولا أكثر قتيلا وجريحا معقورا من أصحاب طاهر من تلك الوقعة، فأكثرت الشعراء فيها القول من الشعر، وذكر ما كان فيها من شدة الحرب وقال فيها الغوغاء والرعاع، وكان مما قيل في ذلك قول الخليع:

أمين الله ثق بالله ... تعط الصبر والنصره

كل الأمر إلى الله ... كلاك الله ذو القدره

لنا النصر بعون الله ... والكرة لا الفره

وللمراق أعدائك ... يوم السوء والدبره

وكأس تلفظ الموت ... كريه طعمها مره

<<  <  ج: ص:  >  >>