للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسكر، كارها للحرب، فيدعو الناس إلى ما هو عليه فيشتمه، ويستخف به فيقف ساعة ثم ينصرف وكان حاتم بْن الصقر من قواد محمد، وكان قد واعد اصحابه الغزاة والعيارين ان يوافوا عبيد الله بْن الوضاح ليلا، فمضوا إلى عبيد الله مفاجأة وهو لا يعلم، فأوقعوا به وقعة أزالوه عن موضعه، وولى منهزما، فأصابوا له خيلا وسلاحا ومتاعا كثيرا، وغلب على الشماسيه حاتم ابن الصقر وبلغ الخبر هرثمة، فأقبل في أصحابه لنصرته، وليرد العسكر عنه إلى موضعه، فوافاه أصحاب محمد، ونشب الحرب بينهم، وأسر رجل من الغزاة هرثمة ولم يعرفه، فحمل بعض أصحاب هرثمة على الرجل، فقطع يده وخلصه، فمر منهزما، وبلغ خبره أهل عسكره، فتقوض بما فيه، وخرج أهله هاربين على وجوههم نحو حلوان، وحجز أصحاب محمد الليل عن الطلب، وما كانوا فيه من النهب والأسر فحدثت أن عسكر هرثمة لم يتراجع أهله يومين، وقويت الغزاة بما سار في أيديهم.

وقيل في تلك الوقعة أشعار كثيرة، فمن ذلك قول عمرو الوراق:

عريان ليس بذي قميص ... يغدو على طلب القميص

يعدو على ذي جوشن ... يعمي العيون من البصيص

في كفه طرادة ... حمراء تلمع كالفصوص

حرصا على طلب القتال ... أشد من حرص الحريص

سلس القياد كأنما ... يغدو على أكل الخبيص

ليثا مغيرا لم يزل ... رأسا يعد من اللصوص

أجرى وأثبت مقدما ... في الحرب من أسد رهيص

يدنو على سنن الهوان ... وعيصه من شر عيص

ينجو إذا كان النجاء ... على أخف من القلوص

ما للكمي إذا لمقتله ... تعرض من محيص

<<  <  ج: ص:  >  >>